الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }

{ ولتجدنهم احرص الناس } من الوجدان العقلى وهو جار مجرى العلم خلا انه مختص بما يقع بعد التجربة ونحوها واللام لام القسم اى والله لتجدن اليهود يا محمد احرص من الناس { على حياة } لا يتمنون الموت والتنكير للنوع وهى الحياة المخصوصة المتطاولة وهى حياتهم التى هم فيها لانها نوع من مطلق الحياة { ومن الذين اشركوا } عطف على ما قبله بحسب المعنى كأنه قيل احرص من الناس وافرد المشركون بالذكر وان كانوا من الناس لشدة حرصهم على الحياة. وفيه توبيخ عظيم لان الذين اشركوا لا يؤمنون بعاقبة وما يعرفون الا الحياة الدنيا فحرصهم عليها لا يستبعد لانها جنتهم فاذا زاد عليهم فى الحرص من له كتاب وهو مقر بالجزاء كان حقيقا بأعظم التوبيخ. فان قلت لم زاد حرصهم على حرص المشركين قلت لانهم علموا لعلمهم بحالهم انهم صائرون الى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون ذلك { يود احدهم } بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف اى يريد ويتمنى ويحب احد هؤلاء المشركين { لو يعمر ألف سنة } حكاية لودادهم ولو فيه معنى التمنى كأنه قيل ليتنى اعمر وكان القياس لو اعمر الا انه جرى على لفظ الغيبة لقوله تعالى يود احدهم كقولك حلف بالله ليفعلن ومحله النصب على انه معمول يود اجراء له مجرى القول لانه فعل قلبى والمعنى تمنى احدهم ان يعطى البقاء والعمر الف سنة وهى للمجوس وخص هذا العدد لانهم يقولون ذلك فيما بينهم عند العطاس والتحية عش الف سنة والف نوروز والف مهرجان وهى بالعجمية " زى هزارسال " وصح اطلاق المشركين على المجوس لانهم يقولون بالنور والظلمة { وما } حجازية { هو } اى احدهم اسم ما { بمزحزحه } خبر ما والباء زائدة والزحزحة التبعيد والانجاء { من العذاب } من النار { أن يعمر } فاعل مزحزحه اى تعميره { والله بصير بما يعملون } البصير فى كلام العرب العالم بكنه الشىء الخبير به اى عليم بخفيات اعمالهم من الكفر والمعاصى لا يخفى عليه فهو مجازيهم بها لا محالة بالخزى والذل فى الدنيا والعقوبة فى العقبى وهذه الحياة العاجلة تنقضى سريعة وان عاش المرء الف سنة او ازيد عليها فمن احب طول العمر للصلاح فقد فاز قال عليه السلام " طوبى لمن طال عمره وحسن عمله ". ومن احبه للفساد فقد ضل ولا ينجو مما يخاف فان الموت يجيئ البتة واجتمعت الامة على ان الموت ليس له سن معلوم ولا اجل معلوم ولا مرض معلوم وذلك ليكون المرء على اهبة من ذلك وكان مستعدا لذلك بعض الصالحين ينادى بالليل على سور المدينة الرحيل الرحيل فلما توفى فقد صوته امير تلك المدينة فسأل عنه فقيل انه مات فقال

السابقالتالي
2