الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }

{ ولقد آتينا } اى بالله لقد اعطينا يا بنى اسرائيل { موسى } لغة عبرانية قد سبق تفصيله عند قوله تعالىوإذ واعدنا موسى } البقرة 51 الآية. { الكتاب } اى التوراة جملة واحدة { وقفينا من بعده بالرسل } يقال قفاه به اذا اتبعه اياه اى اتبعنا من بعد موسى رسولا بعد رسول مقتفين اثره وهم يوشع وشمويل وداود وسليمان وشمعون وشعيا وارميا وعزيز وحزقيل والياس واليسع ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم عليهم السلام { وآتينا عيسى } بالسريانية اليسوع ومعناه المبارك والاصح انه لا اشتقاق له ولأمثاله فى العربية { ابن } باثبات الالف وان كان واقعا بين العلمين لندرة الاضافة الى الام { مريم } بالسريانية بمعنى الخادمة والعابدة قد جعلتها امها محررة لخدمة المسجد ولكمال عبادتها لربها سماها الحق تعالى فى كتابه الكريم مع الانبياء عليهم السلام سبع مرات وخاطبها كما خوطب الانبياء كما قال تعالىيا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين } آل عمران 43. فشاركها مع الرجال { البينات } المعجزات الواضحات من احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص والاخبار بالمغيبات والانجيل { وأيدناه } اى قويناه { بروح القدس } من اضافة الموصوف الى الصفة اى بالروح المقدسة المطهرة وهى روح عيسى عليه السلام وصفت بالقدس للكرامة لان القدس هو الله تعالى او الروح جبريل ووصف بالطهارة لانه لم يقترف ذنبا وسمى روحا لانه كان يأتى الانبياء بما فيه حياة القلوب ومعنى تقويته به انه عصمه من اول حاله الى كبره فلم يدن منه الشيطان عند الولادة ورفعه الى السماء حين قصد اليهود قتله وتخصيص عيسى من بين الرسل ووصفه بايتاء البينات والتأييد بروح القدس لما ان بعثتهم كانت لتنفيذ احكام التوراة وتقريرها واما عيسى فقد نسخ بشرعه كثير من احكامها وحسم مادة اعتقادهم الباطل فى حقه ببيان حقيقته واظهار كمال قبح ما فعلوا به وما بين موسى وعيسى اربعة آلاف نبى وقيل سبعون الف نبى { أفكلما جاءكم } خاطب اهل عصر النبى عليه السلام بهذا وقد فعله اسلافهم يعنى لم يوجد منهم القتل ان وجد الاستكبار لانهم يتولونهم ويرضون بفعلهم والفاء للعطف على مقدر يناسب المقام اى ألم تطيعوهم فكلما جاءكم { رسول بما لا تهوى } اى لا تريد { أنفسكم } ولا يوافق هواكم من الحق الذى لا انحراف عنه { استكبرتم } اى تعظمتم عن الاتباع له والايمان بما جاء به من عند الله { ففريقا } منهم { كذبتم } كعيسى ومحمد عليهما السلام { وفريقا تقتلون } كزكريا ويحيى وغيرهما عليهم السلام. وقدم فريقا فى الموضعين للاهتمام وتشويق السامع الى ما فعلوا بهم لا للقصر ولم يقل قتلتم وان اريد الماضى تفظيعا لهذه الحالة فكأنها وان مضت حاضرة لشناعتها ولثبوت عارها عليهم وعلى ذريتهم بعدهم او يراد وفريقا تقتلونهم بعد وانكم على هذه النية لانكم حاولتم قتل محمد عليه الصلاة والسلام لولا انى اعصمه منكم ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة.

السابقالتالي
2