الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }

{ واذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل } فى التوراة والميثاق العهد الشديد وهو على وجهين عهد خلقة وفطرة وعهد نبوة ورسالة واذ نصب باضمار فعل خوطب به النبى عليه السلام والمؤمنون ليؤديهم التأمل فى احوالهم الى قطع الطمع عن ايمان اخلافهم لان قبائح اسلافهم مما تؤدى الى عدم ايمانهم ولا يلد الحية الا الحية ومن ههنا قيل اذا طاب اصل المرء طابت فروعه او اليهود الموجودون فى عصر النبوة توبيخا لهم بسوء صنيع اسلافهم اى اذكروا اذ اخذنا ميثاقهم بان { لا تعبدون الا الله } اى ان لا تعبدوا فلما اسقط ان رفع تعبدون لزوال الناصب او على ان يكون اخبارا فى معنى النهى كما تقول تذهب الى فلان تقول له كذا تريد به الامر اى اذهب وهو ابلغ من صريح الامر والنهى لما فيه من ايهام ان المنهى حقه ان يسارع الى الانتهاء عما نهى عنه فكأنه انتهى عنه فيخبر به الناهى اى لا توحدوا الا الله ولا تجعلوا الالوهية الا لله وقيل انه جواب قسم دل عليه المعنى كأنه قيل واحلفناهم وقلنا بالله لا تعبدون الا الله { وبالوالدين احسانا } اى وتحسنون احسانا على لفظ تعبدون لانه اخبار او واحسنوا على معناه لانه انشاء اى برا كثيرا وعطفا عليهما ونزولا عند امرهما فيما لا يخالف امر الله { وذى القربى } اى وتحسنون الى ذى القرابة ايضا مصدر كالحسنى { واليتامى } جمع يتيم وهو الصغير الذى مات ابوه قبل البلوغ ومن الحيوانات الصغير الذى ماتت امه والاحسان بهم بحسن التربية وحفظ حقوقهم عن الضياع { والمساكين } بحسن القول وايصال الصدقة اليهم جمع مسكين من السكون كأن الفقر اسكنه عن الحراك اى الحركة واثقله عن التقلب { و } قلنا { قولوا للناس } قولا { حسنا } سماه حسنا مبالغة لفرط حسنه امر بالاحسان بالمال فى حق اقوام مخصوصين وهم الوالدان والاقرباء واليتامى والمساكين ولما كان المال لا يسع الكل امر بمعاملة الناس كلهم بالقول الجميل الذى لا يعجز عنه العاقل يعنى وألينوا لهم القول بحسن المعاشرة وحسن الخلق وائمروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر اى وقولوا للناس صدقا وحقا فى شأن محمد عليه السلام فمن سألكم عنه فاصدقوه وبينوا صفته ولا تكتموا امره { واقيموا الصلوة وآتوا الزكوة } كما فرضا عليهم فى شريعتهم ذكرهما تنصيصا مع دخولهما فى العبادة المذكورة تعميما وتخصيصا تلخيصه اخذنا عهدكم يا بنى اسرائيل بجميع المذكور فقبلتم واقبلتم عليه { ثم توليتم } على طريقة الالتفات اي اعرضتم عن المضى على مقتضى الميثاق ورفضتموه { الا قليلا منكم } وهم من الاسلاف من اقام اليهودية على وجهها ومن الاخلاف من اسلم كعبدالله بن سلام واضرابه { وانتم معرضون } جملة تذييلية اى وانتم قوم عادتكم الاعراض عن الطاعة ومراعاة حقوق الميثاق وليس الواو للحال لاتحاد التولى والاعراض فالجملة اعتراض للتأكيد فى التوبيخ واصل الاعراض الذهاب عن المواجهة والاقبال الى جانب العرض.

السابقالتالي
2 3