الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }

{ فويل } كلمة يقولها كل واقع فى هلكة بمعنى الدعاء على النفس بالعذاب اى عقوبة عظيمة وهو مبتدأ خبره ما بعده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الويل واد فى جهنم يهوى فيه الكافر اربعين خريفا قبل ان يبلغ قعره ". وقال سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه انه واد فى جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لماعت من شدة حره اى ذابت { للذين يكتبون الكتاب } المحرف { بايديهم } تأكيد لدفع توهم المجاز فقد يقول انسان كتبت الى فلان اذا امر غيره ان يكتب عنه اليه { ثم يقولون } لعوامهم { هذا } اى المحرف { من عند الله } فى التوراة روى ان احبار اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبى عليه السلام المدينة فاحتالوا فى تعويق اسافل اليهود عن الايمان فعمدوا الى صفة النبى عليه السلام فى التوراة وكانت هى فيها حسن الوجه جعد الشعر اكحل العين ربعة اى متوسط القامة فغيروها وكتبوا مكانه طوال ازرق سبط الشعر وهو خلاف الجعد فاذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرأوا عليهم ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته عليه السلام فيكذبونه { ليشتروا به } اى يأخذوا لانفسهم بمقابلة المحرف { ثمنا } هو ما اخذوه من الرشى بمقابلة ما فعلوا من التحريف والتأويل الزائغ وانما عبر عن المشترى الذى هو المقصود بالذات فى عقد المعاوضة بالثمن الذى هو وسيلة فيه ايذانا بتعكيسهم حيث جعلوا المقصود بالذات وسيلة والوسيلة مقصودة بالذات { قليلا } لا يعبأ به انما وصفه بالقلة اما لفنائه وعدم ثوابه واما لكونه حراما لان الحرام لا بركة فيه ولا يربو عند الله كذا فى تفسير القرطبى { فويل لهم } اى العقوبة العظيمة ثابتة لهم { مما كتب ايديهم } من اجل كتابتهم اياه { وويل لهم مما يكسبون } من اخذهم الرشوة وعملهم المعاصى واصل الكسب الفعل لجر نفع او دفع ضر ولهذا لا يوصف به سبحانه. وفى الآيات اشارات الاولى ان علم الرجل ويقينه ومعرفته ومكالمته مع الله لا يفيده الايمان الحقيقى الا ان يتداركه الله بفضله ورحمته قال الله تعالىولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا } النور 21. وان الله تعالى كلم ابليس وخاطبه بقولهيا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى } ص 75. وما افاده الايمان الحقيقيى اذا لم يكن مؤيدا من الله بفضله ورحمته ولم يبق على الايمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان قال فى المثنوى
جز عنايت كه كشايد جشم را جز محبت كه تشاند خشم را جهدبى توفيق خود كس را مباد درجهان والله اعلم بالسداد جهد فرعونى جوبى توفيق بود هرجه او مىدوخت آن تفتيق بود   

السابقالتالي
2