الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ }

{ قال } موسى { انه } تعالى { يقول انها بقرة لا ذلول } مذللة ذللها العمل يقال دابة دلول الذل بالكسر وهو خلاف الصعوبة وهو صفة لبقرة بمعنى غير ذلول ولم يقل ذلولة لان فعولا اذا كان وصفا لم تدخله الهاء كصبور { تثير الارض } اى تقلبها للزراعة وهى صفة ذلول كانه قيل لا ذلول مثيرة { ولا تسقى الحرث } اى ليست بسانية يسقى عليها بالسواقى ولا الاولى للنفى والثانية مزيدة لتوكيد الاولى لان المعنى لا ذلول تثير وتسقى على ان الفعلين صفتان لذلول كانه قيل لا ذلول مثيرة وساقية كذا فى الكشاف. قال الامام ابو منصور رحمه الله دلت الآية على ان البقرة كانت ذكرا لان اثارة الارض وسقى الحرث من عمل الثيران واما الكنايات الراجعة اليها على التأنيث فللفظها كما فى قوله وقالت طائفة فالتاء للتوحيد لا للتأنيث خلافا لابى يوسف الا ان يكون اهل ذلك الزمان يحرثون بالانثى كما يحرث اهل هذا الزمان بالذكر { مسلمة } اى سلمها الله من العيوب او معفاة من العمل سلمها اهلها منه او مخلصة اللون من سلم له كذا اذا خلص له لم يشب صفرتها شىء من الالوان ويؤيده قوله تعالى { لا شية فيها } يخالف لون جلدها فهى صفراء كلها حتى قرنها وظلفها والاصل وشية كالعدة والصفة والزنة اصلها وعد ووصف ووزن واشتقاقها من وشى الثوب وهو استعمال الوان الغزل فى نسجه { قالوا } عند ما سمعوا هذه النعوت { الآن } اى هذا الوقت بنى لتضمنه معنى الاشارة { جئت بالحق } اى بحقيقة وصف البقرة وما بقى اشكال فى امرها { فذبحوها } الفاء فصيحة اى فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الاوصاف كلها بان وجدوها مع الفتى فاشتروها بملئ مسكها ذهبا فذبحوها { وما كادوا } اى وما قربوا { يفعلون } والجملة حال من ضمير ذبحوا اى فذبحوها والحال انهم كانوا قبل ذلك بمعزل منه. تلخيصه ذبحوها بعد توقف وبطئ قيل مضى من اول الامر الى الامتثال اربعون سنة فعلى العاقل ان يسارع الى الامتثال وترك التفحص عن حقيقة الحال فان قضية التوحيد تستدعى ذلك قال فى المثنوى
تاخيال دوست دراسرار ماست جاكرى وجان سبارى كار ماست   
وفى الحكم العطائية اخرج من اوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا ومن حضرته قريبا بالاستسلام لقهره وذلك يقتضى وجود الحفظ من الله تعالى حتى لا يلم العبد بمعصية وان ألم بها فلا تصدر منه واذا صدرت منه فلا يصر عليها اذ الحفظ الامتناع من الذنب مع جواز الوقوع فيه والعصمة الامتناع من الذنب مع استحالة الوقوع فيه فالعصمة للانبياء والحفظ للاولياء فقوله { الآن جئت بالحق } يدل على الرجوع من الهفوة وعدم الاصرار وهذا ايمان محض.

السابقالتالي
2 3