الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ ان الذين آمنوا } بألسنتهم من غير مواطأة القلوب وهم المنافقون بقرينة انتظامهم فى سلك الكفرة والتعبير عنهم بذلك دون عنوان النفاق للتصريح بان تلك المرتبة وان عبر عنها بالايمان لا تجديهم نفعا اصلا ولا تنقذهم من ورطة الكفر قطعا { والذين هادوا } اى تهودوا من هاد اذا دخل فى اليهودية. ويهود اما عربى من هاد اذا تاب سموا بذلك حين تابوا من عبادة العجل وخصوا به لما كانت توبتهم توبة هائلة واما معرب يهودا كأنهم سموا باسم اكبر اولاد يعقود عليه السلام ويقال انما سمى اليهود يهودا لانهم اذا جاءهم رسول او نبى هادوا الى ملكهم فدلوه عليه فيقتلونه { والنصارى } جمع نصران كندامى جمع ندمان سمى بذلك لانهم نصروا المسيح عليه السلام او لانهم كانوا معه فى قرية يقال لها ناصرة فسموا باسمها او لاعتزائهم الى نصرة وهى قرية كان ينزلها عيسى عليه السلام { والصابئين } من صبأ اذا خرج من الدين وهم قوم عدلو عن دين اليهودية والنصرانية وعبدوا الكواكب والملائكة فكانوا كعبدة الاصنام وان كانوا يقرأون الزبور لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نسائهم " وجاء اعرابى الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال لم يسمى الصابئون صابئين فقال عليه السلام " لانهم اذا جاءهم رسول او نبى اخذوه وعمدوا الى قدر عظيم فأغلوه حتى اذا كان محمى صبوه على رأسه حتى يتفسخ " كذا فى روضة العلماء { من } مبتدأ خبره فلهم اجر عظيم والجملة خبران { آمن } من هؤلاء الكفرة { بالله } وبما انزل على جميع النبيين { واليوم الآخر } وهو يوم البعث اى من احدث منهم ايمانا خالصا بالمبدأ والمبدأ والمعاد على الوجه اللائق ودخل فى ملة الاسلام دخولا اصيلا { وعمل } عملا { صالحا } مرضيا عند الله { فلهم } بمقابلة تلك والفاء للسببية { اجرهم } الموعود لهم { عند ربهم } اى مالك امرهم ومبلغهم الى كمالهم اللائق وعند متعلق بما تعلق به لهم من معنى الثبوت اخبر ان هؤلاء اذا آمنوا وعملوا الصالحات لم يؤاخذوا بتقديم فعلهم ولا بفعل آبائهم ولا ينقصون من ثوابهم { ولا خوف عليهم } عطف على جملة فلهم اجرهم اى لا خوف عليهم حين يخاف الكفار العقاب { ولا هم يحزنون } حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان دوام انتفائهما وتلخيصه من اخلص ايمانه واصلح عمله دخل الجنة. واعلم ان هذا الدين الحق حسنه موجود فى النفوس وانما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية والتقليد فكل مولود انما يولد فى مبدأ الخلقة واصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها الى غيرها كما قال عليه السلام

السابقالتالي
2