الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

{ واذ قلتم } تذكير لجناية اخرى لاسلاف بنى اسرائيل وكفرانهم لنعمة الله عز وجل خاطبهم تنزيلا لهم مكان آبائهم لما بينهم من الاتحاد وكان هذا القول منهم فى التيه حين سئموا من اكل المن والسلوى لكونهما غير مبدلين والانسان اذا داوم شيأ واحدا سئمه وتذكروا عيشهم الاول بمصر لانهم كانوا اهل فلاحة فنزعوا الى عكرهم عكر السوء واشتاقت طباعهم الى ما جرت عليه عادتهم فقالوا { يا موسى لن نصبر على طعام واحد } الطعام ما يتغذى به وكنوا عن المن والسلوى بطعام واحد وهما اثنان لانهم كانوا يأكلون احدهما بالآخر فيصيران طعاما واحدا او اريد بالواحد نفى التبدل والاختلاف ولو كان على مائدة الرجل الوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها قيل لا يأكل فلان الا طعاما واحدا. وفى تفسير البغوى والعرب تعبر عن الواحد بلفظ الاثنين كقولهيخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } الرحمن 22. وانما يخرج من الملح دون العذب وقيل لن نصبر على الغنى فيكون جميعنا اغنياء فلا يقدر بعضنا على الاستعانة ببعض لاستغناء كل واحد بنفسه وكان فيهم اول من اتخذ العبيد والخدم { فادع لنا ربك } اى سله لاجلنا بدعائك اياه والفاء لسببية عدم الصبر للدعاء { يخرج لنا } اى يظهر لنا ويوجد شيأ فالمفعول محذوف والجزم لجواب الامر فان دعوته سبب الاجابة اى ان تدع لنا ربك يخرج لنا { مما تنبت الارض } اسناد مجازى باقامة القابل وهو الارض مقام الفاعل وهو الله تعالى ومن تبعيضية وما موصولة { من بقلها } من بيانية واقعة موقع الحال من الضمير اى ما تنبته كائنا من بقلها والبقل ما تنبت الارض من الخضر والمراد اصناف البقول التى تأكلها الناس كالنعناع والكرفس والكراث واشباهها { وقثائها } اخو القثد وهى شيء يشبه الخيار { وفومها } وهو الحنطة لان ذكر العدس يدل على انه المراد لانه من جنسه وقيل هو الثوم لان ذكر البصل يدل على انه هو المراد فانه من جنسه * قال ابن التمجيد فى حواشيه وحمله على الثوم اوفق من الحنطة لاقتران ذكره بالبصل والعدس فان العدس يطبخ بالثوم والبصل { وعدسها } حب معروف يستوى كيله ووزنه { وبصلها } بقل معروف تطيب به القدور { قال } استئناف وقع جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال الله لهم او موسى عليه السلام فقيل قال انكارا عليهم { أتستبدلون } اى أتأخذون لانفسكم وتختارون { الذى هو ادنى } اى اقرب منزلة وأدون قدرا { بالذى هو خير } اى بمقابلة ما هو خير فان الباء تصحب الزائل دون الآتى الحاصل وخيرية المن والسلوى فى اللذاذة وسقوط المشقة وغير ذلك ولا كذلك الفوم والعدس والبصل وامثالها. قال بعضهم الحنطة وان كانت اعلى من المن والسلوى لكن خساستها ههنا بالنسبة الى قيمتها وليس فى الآية ما يدل قطعها على انهم ارادوا زوال المن والسلوى وحصول ما طلبوا مكانه لتحقق الاستبدال فى صورة المناوبة لانهم أرادوا بقولهم لن نصبر على طعام واحد ان يكون هذا تارة وذاك اخرى { اهبطوا } اى انحدروا وانزلوا من التيه ان كنتم تريدون هذه الاشياء { مصرا } من الامصار لانكم فى البرية فلا يوجد فيها ما تطلبون وانما يوجد ذلك فى الامصار فالمراد ليس مصر فرعون لقوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4