الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }

{ فبدل الذين ظلموا } اى غير الذين ظلموا انفسهم بالمعصية ما قيل لهم من التوبة والاستغفار { قولا } آخر مما لا خير فيه فاحد مفعولى بدل محذوف { غير الذى قيل لهم } غير نعت لقولا وانما صرح به مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة تحقيقا لمخالفتهم وتنصيصا على المغايرة من كل وجه. روى انهم قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية وهى لغتهم حطا سمقانا يعنون حنطة حمراء استخفافا بامر الله تعالى وقال مجاهد طوطئ لهم الباب ليخفضوا رؤسهم فابوا ان يدخلون سجدا فدخلوا يزحفون على استاههم مخالفة فى الفعل كما بدلوا القول واما المحسنون ففعلوا ما امروا به ولذا لم يقل فبدلوا بل قال فبدل الذين ظلموا وظاهره انهم بدلوا القول وحده دون العمل وبه قال جماعة وقيل بل بدلوا العمل والقول جميعا ومعنى قوله قولا غير الذى قيل لهم اى امرا غير الذى امروا به فان امر الله قول وهو تغيير جميع ما امروا به { فانزلنا } اى عقيب ذلك { على الذين ظلموا } اى غيروا ما امروا به ولم يقل عليهم على الاختصار وقد سبق ذكر الذين ظلموا فى الآية لانه سبق ذكر المحسنين ايضا فلو اطلق لوقع احتمال دخول الكل فيه ثم هذا ليس بتكرار لان الظلم اعم من الصغائر والكبائر والفسق لا بد وان يكون من الكبائر فالمراد بالظلم ههنا الكبائر بقرينة الفسق والمراد بالظلم المتقدم هو ما كان من الصغائر { رجزا من السماء } اى عذابا مقدرا والتنوين للتهويل والتفخيم { بما } مصدرية { كانوا يفسقون } بسبب خروجهم عن الطاعة والرجز فى الاصل ما يعاف ويستكره وكذلك الرجس والمراد به الطاعون. روى انه مات فى ساعة واحدة اربعة وعشرون الفا ودام فيهم حتى بلغ سبعين الفا. وفى الحديث " الطاعون رجز ارسل على بنى اسرائيل او على من كان قبلكم فاذا سمعتم ان الطاعون بارض فلا تدخلوها واذا وقع بارض وانتم بها فلا تخرجوا منها " وفى الحديث ايضا " اتانى جبريل بالحمى والطاعون فامسكت الحمى بالمدينة وارسلت الطاعون الى الشأم فالطاعون شهادة لامتى ورحمة لهم ورجس على الكافر ". واعلم ان من مات من الطاعون مات شهيدا ويأمن فتنة القبر وكذا الصابر فى الطاعون اذا مات بغير الطاعون يوقى فتنة القبر لانه نظير المرابط فى سبيل الله تعالى فالمطعون شهيد وهو من مات من الطاعون والصابر المحتسب فى حكمه وكذا المبطون وهو الميت من داء البطن وصاحب الاسهال والاستسقاء داخل فى المبطون لان عقله لا يزال حاضرا وذهنه باقيا الى حين موته ومثل ذلك صاحب السل وكذا الغرق شهيد وهو بكسر الراء من يموت غريقا فى الماء وكذا صاحب المهدم بفتح الدال ما يهدم وصاحبه من يموت تحته وكذا المقتول فى سبيل الله وكذا صاحب ذات الجنب والحرق والمرأة الجمعاء وهى من تموت حاملا جامعا ولدها وليس موت هؤلاء كموت من يموت فجأة او من يموت بالسام او البرسام والحميات المطبقة او القولنج او الحصاة فتغيب عقولهم لشدة الالم ولورم ادمغتهم وافساد امزجتها * واعلم ان الطاعون مرض يكثر فى الناس ويكون نوعا واحدا والوباء وهو المرض العام قد يكون بطاعون وقد لا يكون.

السابقالتالي
2 3