الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

{ و } اذكروا يا بنى اسرائيل { اذ فرقنا } فصلنا { بكم } اى بسبب انجائكم فالباء للسببية وهو اولى لان الكلام مسوق لتعداد النعم والامتنان وفى السببية دلالة على تعظيمهم وهو ايضا من النعم وقيل الباء بمعنى اللام كقوله تعالىذلك بأن الله هو الحق } الحج 62. اى لان الله { البحر } وهو بحر القلزم بحر من بحار فارس او بحر من ورائهم يقال له اساف حتى حصل اثنا عشر مسلكا بعدد اسباط بنى اسرائيل والسبط ولد الولد والاسباط من بنى اسرائيل كالقبائل من العرب وهم اولاد يعقوب { فأنجيناكم } اى من الغرق باخراجكم الى الساحل { واغرقنا } الغرق الرسوب فى الشىء المائع ورسب الشىء فى الماء رسوبا اى سفل فيه والاغراق الاهلاك فى الماء { آل فرعون } يريد فرعون وقومه للعلم بدخوله فيهم وكونه اولى به منهم { وانتم تنظرون } بابصاركم انفراق البحر حين سلكتم فيه وانطباقه على آل فرعون بعد سلامتكم منه وايضا تنظرون اليهم غرقى موتى حين رماهم البحر الى الساحل. قال القرطبى ان الله تعالى لما انجاهم واغرق فرعون قالوا يا موسى ان قلوبنا لا تطمئن ان فرعون قد غرق حتى امر الله البحر فلفظه فنظروا اليه. روى انه لما دنا هلاك فرعون امر الله موسى عليه السلام ان يسرى ببنى اسرائيل من مصر ليلا فامرهم ان يخرجوا وان يستعيروا الحلى من القبط وامر ان لا ينادى احد منهم صاحبه وان يسرجوا في بيوتهم الى الصبح ومن خرج لطخ بابه بكف من دم ليعلم انه قد خرج فخرجوا ليلا وهم ستمائة الف وعشرون الف مقاتل لا يعدون فيهم ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره والقبط لا يعلمون ووقع فى القبط موت فجعلوا يدفنونهم وشغلوا عن طلبهم فلما ارادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا اين يذهبون فدعا موسى مشيخة بنى اسرائيل وسألهم عن ذلك فقالوا ان يوسف لما حضره الموت اخذ على اخوته عهدا ان لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسد عليهم الطريق فسألهم عن موضع قبره فلم يعلمه احد غير عجوز قالت لو دللت على قبره أتعطينى كل ما سألتك فابى عليها وقال حتى اسأل ربى فامره الله بايتاء سؤلها فقالت انى عجوز كبيرة لا استطيع المشى فاحملنى واخرجنى من مصر هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فاسألك ان لا تنزل في غرفة الا نزلتها معك قال نعم قالت انه في جوف الماء فى النيل فادع الله ان يحسر عنه الماء فدعا الله ان يؤخر طلوع الفجر الى ان يفرغ من امر يوسف فحفر موسى ذلك الموضع واستخرجه فى صندوق من صنوبر قالوا ان موسى استخرج تابوت يوسف من قعر النيل بالوفق وهو أول علم أوجده الله بنفسه وعلّمه آدم عليه السلام فتوارثه الأنبياء آخرا عن أ ول ثم انه حمله حتى دفنه بالشام ففتح لهم الطريق فساروا فكان هارون امام بنى اسرائيل وموسى على ساقتهم فلما علم بذلك فرعون جمع قومه فخرج فى طلب بنى اسرائيل وعلى مقدمته هامان فى الف الف وسبعمائة الف جواد ذكر ليس فيها رمكة على رأس كل واحد منهم بيضة وفى يده حربة فسارت بنوا اسرائيل حتى وصلوا الى البحر والماء فى غاية الزيادة فادركهم فرعون حين اشرقت الشمس فقال فرعون فى اصحاب موسى ان هؤلاء لشرذمة قليلون فلما نظر اصحاب موسى اليهم بقوا متحيرين فقالوا لموسى انا لمدركون يا موسى اوذينا من قبل ان تأتينا ومن بعد ما جئتنا اليوم نهلك فان البحر امامنا ان دخلناه غرقنا وفرعون خلفنا ان ادركنا قتلنا يا موسى كيف نصنع واين ما وعدتنا قال موسى كلا ان معى ربى سيهدين فاوحى الله الى موسى ان اضرب بعضاك البحر فضربه فلم يطعه فاوحى الله اليه ان كنه فضربه وقال انفلق يا ابا خالد فانفلق فصار فيه اثنا عشر طريقا كل طريق كالجبل العظيم فكان لكل سبط طريق يأخذون فيه وارسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى صار يبسا فخاضت بنوا اسرائيل البحر وعن جانبيهم الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضا فقالوا ما لنا لا نرى اخواننا وقال كل سبط قد قتل اخواننا قال سيروا فانهم على طريق مثل طريقكم قالوا لا نرضى حتى نراهم فقال موسى اللهم اعنى على اخلاقهم السيئة فاوحى الله اليه ان قل بعصاك هكذا وهكذا يمنة ويسرة فصار فيها كوى ينظر بعضهم بعضا ويسمع بعضهم كلام بعض فساروا حتى خرجوا من البحر فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر فرآه منفلقا قال لقومه انظروا الى البحر انفلق من هيبتى حتى ادرك عبيدى الذين ابقوا فهاب قومه ان يدخلوه وقيل له ان كنت ربا فادخل البحر كما دخل موسى وكان فرعون على حصان ادهم اى ذكر اسود من الخيل ولم يكن فى قوم فرعون فرس انثى فجاء جبريل على انثى وديق وهى التى تشتهى الفحل وتقدمه الى البحر فشم ادهم فرعون ريحها فاقتحم خلفها البحر اى هجم على البحر بالدخول وهم لا يرونه ولم يملك فرعون من امره شيأ وهو لا يرى فرس جبريل وتبعته الخيول وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يعجلهم ويسوقهم حتى لا يشذ رجل منهم حتى خاضوا كلهم البحر ودخل آخر قوم قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى وهم اولهم بالخروج فامر الله البحر ان يأخذهم فانطبق على فرعون وقومه فاغرقوا فنادى فرعون لا اله الا الذي آمنت به بنوا اسرائيل وانا من المسلمين القصة وقالت بنوا اسرائيل الآن يدركنا فيقتلنا فلفظ البحر ستمائة وعشرين الفا عليهم الحديد فذلك قوله تعالى

السابقالتالي
2 3