الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

{ واذ نجيناكم } خطاب لبنى اسرائيل اى اذكروا وقت تنجيتنا اياكم اى آباءكم فان تنجيتهم تنجية لا عقابهم ومن عادة العرب يقولون قتلنا كم يوم عكاظ اى قتل آباؤنا آباؤكم والنجو المكان العالى من الارض لان من صار اليه يخلص ثم سمى كل فائز ناجيا لخروجه من ضيق الى سعة اى جعلنا آباءكم بمكان حريز ورفعناكم عن الاذى { من آل فرعون } واتباعه واهل دينه. وفرعون لقب من ملك العمالقة ككسرى لملك الفرس وقيصر لملك الروم وخاقان لملك الترك والنجاشى للحبشة وتبع لاهل اليمن. والعمالقة الجبابرة وهم اولاد عمليق بن لاود بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام سكان الشام منهم سموا بالجبابرة وملوك مصر منهم سموا بالفراعنة ولعتوه اشتق منه تفرعن الرجل اذا عتا وتمرد فليس المراد الاستغراق بل الذين كانوا بمصر وفرعون موسى هو الوليد بن مصعب ابن الريان وكان من القبط وعمر اكثر من اربعمائة سنة. وقيل انه كان عطارا اصفهانيا ركبته الديون فافلس فاضطر الى الخروج فلحق بالشام فلم يتيسر له المقام فدخل مصر فرأى في ظاهرها حملا من البطيخ بدرهم وفي سوقها بطيخة بدرهم فقال في نفسه ان تيسر لى اداء الديون فهذا طريقه فخرج الى السواد فاشترى حملا بدرهم فتوجه به الى السوق فكل من لقيه من المكاسين اى العشارين اخذ بطيخة فدخل البلد وما معه الا بطيخة فباعها بدرهم ومضى بوجهه ورأى اهل البلد متروكين سدى لا يتعاطى احد سياستهم وكان قد وقع بها وباء عظيم فتوجه نحو المقابر فرأى ميتا يدفن فتعرض لاوليائه فقال انا امين المقابر فلا ادعكم تدفنونه حتى تعطونى خمسة دراهم فدفعوها اليه ومضى لآخر وآخر حتى جمع في مقدار ثلاثة اشهر مالا عظيما ولم يتعرض له احد قط الى ان تعرض يوما لاولياء ميت فطلب منهم ما كان يطلب من غيرهم فابوا ذلك فقالوا من نصبك هذا المنصب فذهبوا به الى فرعون اى الى ملك المدينة فقال من انت ومن اقامك بهذا المقام قال لم يقمنى احد وانما فعلت ما فعلت ليحضرنى احد الى مجلسك فانبهك على اختلال حال قومك وقد جمعت بهذا الطريق هذا المقدار من المال فاحضره ودفعه الى فرعون فقال ولنى امورك ترنى امينا كافيا فولاه اياها فسار بهم سيرة حسنة فانتظمت مصالح العسكر واستقامت احوال الرعية ولبث فيهم دهرا طويلا وترامى امره في العدل والصلاح فلما مات فرعون اقاموه مقامه فكان من امره ما كان وكان فرعون يوسف عليه السلام ريان وبينهما اكثر من اربعمائة سنة { يسومونكم } اى يبغونكم { سوء العذاب } واقبحه بالنسبة الى سائره ويريدونكم عليه ويكلفونكم الاعمال الشاقة ويذيقونكم ويديمون عليكم ذلك من سام السلعة اذا طلبها والسوم بمعنى البغاء وبغى يتعدى الى مفعولين بلا واسطة فلذلك كان سوء العذاب منصوبا على المفعولية ليسومونكم والجملة حال من ضمير المفعول في نجيناكم والمعنى نجيناكم مسومين منهم اقبح العذاب كقولك رأيت زيدا يضربه عمرو اى رأيته حال كونه مضروبا لعمرو وذلك ان فرعون جعل بنى اسرائيل خدما وخولا وصنفهم فى الاعمال فصنف يبنون وصنف يحرثون ويزرعون وصنف يخدمونه ومن لم يكن منهم في عمل وضع عليهم الجزية.

السابقالتالي
2 3 4