الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ ولا تلبسوا الحق بالباطل } عطف على ما قبله واللبس بالفتح الخلط اى لا تخلطوا الحق المنزل بالباطل الذى تخترعونه وتكتبونه حتى لا يميز بينهما اولا تجعلوا الحق ملتبسا بسبب خلط الباطل الذى تكتبونه فى خلاله او تذكرونه فى تأويله { و } لا { تكتموا الحق } باضمار لا او نصب باضمار ان على ان الواو للجمع اى لاتجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمانه فقوله ولا تلبسوا الحق بالباطل هو نهى عن التغيير وقوله وتكتموا الحق هو نهى عن الكتمان لأنهم كانوا يقولون لا نجد فى التوارة صفة محمد صلى الله عليه وسلم فاللبس غير الكتمان { وانتم تعلمون } اى حال كونكم عالمين بانكم لابسون كاتمون او وانتم تعلمون انه حق نبى مرسل وليس ايراد الحال لتقييد المنتهى به بل لزيادة تقبيح حالهم اذ الجاهل قد يعذر. وفى التيسير يجوز صرف الخطاب الى المسلمين والى كل صنف منهم وبيانه ايها السلاطين لا تخلطوا العدل بالجور وايها القضاة لا تخلطوا الحكم بالرشوة وكذا كل فريق. فهذه الآية وان كانت خاصة ببنى اسرائيل فهى تتناول من فعل فعلهم فمن اخذ رشوة على تغيير حق وابطاله او امتنع من تعليم ما وجب عليه او اداء ما علمه وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه اجرا فقد دخل فى مقتضى الآية قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " من تعلم علما لا يبتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " اى ريحها فمن رهب وصاحب التقوى لا يأخذ على علمه عوضا ولا على وصيته ونصيحته صفدا بل يبين الحق ويصدع به ولا يلحقه فى ذلك خوف ولا فزع قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " لا يمنعن احدكم هيبة احد ان يقول او يقوم بالحق حيث كان ". وفى التنزيليجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } المائدة 54 – حكى – ان سليمان بن عبد الملك مر بالمدينة وهو يريد مكة فاقام بها اياما فقال هل بالمدينة احد أدرك احدا من اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قالوا له ابو حازم فارسل اليه فلما دخل عليه قال له يا ابا حازم ما هذا الجفاء قال له ابو حازم يا امير المؤمنين واى جفاء رأيت منى قال اتانى وجوه اهل المدينة ولم تأتنى قال يا امير المؤمنين اعيذك بالله ان تقول ما لم يكن ما عرفتنى قبل هذا اليوم ولا انا رأيتك قال فالتفت الى محمد بن شهاب الزهرى فقال اصاب الشيخ واخطأت قال سليمان يا ابا حازم مالنا نكرة الموت فقال لانكم خربتم الآخرة وعمرتم الدنيا فكرهتم ان تنقلوا من العمران الى الخراب قال اصبت يا ابا حازم فكيف القدوم غدا على الله تعالى قال اما المحسن فكالغائب يقدم على اهله واما المسيئ فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال ليت شعرى ما لنا عند الله قال اعرض عملك على كتاب الله قال واى مكان اجده قال

السابقالتالي
2 3 4