الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ فتلقى آدم كلمات ربه } الفاء للدلالة على ان التوبة حصلت عقيب الامر بالهبوط قبل تحقق المأمور به ومن ثمة قال القرطبى ان آدم تاب ثم هبط واليه الاشارة بقوله تعالى اهبطوا ثانيا ومنه يعرف ان الامر بالهبوط ليس للاستخفاف ومشوبا بنوع سخط اذ لا سخط بعد التوبة فآدم اهبط بعد ان تاب الله عليه ومعنى تلقى الكلمات استقبالها بالاخذ والقبول والعمل بها حين علمها فان قلت ما هن قلت قوله تعالىربنا ظلمنا أنفسنا } الأعراف 23 الآية قال الحافظ
زاهد غرور داشت سلامت نبردراه رندا زره نياز بدار السلام رفت   
وعن ابن مسعود رضى الله عنه ان احب الكلام الى الله تعالى ما قال ابونا آدم حين اقترف الخطيئة سبحانه اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك لا اله الا انت ظلمت نفى فاغفر لى انه لا يغفر الذنوب الا انت. وعن النبى صلى الله عليه وسلم " ان آدم قال بحق محمد ان تغفر لى قال وكيف عرفت محمدا قال لما خلقتنى ونفخت فى الروح فتحت عينى فرأيت على ساق العرش لا الله الا الله محمد رسول الله فعلمت انه اكرم الخلق عليك حتى قرنت اسمه باسمك فقال نعم وغفر له بشفاعته ". او الكلمات هى قول آدم عند هبوطه من الجنه يا رب ألم تخلقنى بيدك من غير واسطة قال بلى قال يا رب ألم تسكنى جنتك قال بلى قال يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك قال بلى قال يا رب أرأيت ان اصلحت ورجعت وتبت اراجعى انت الى الجنة قال نعم فالكلمات هى العهود الانساينة والمواثيق الآدمية والمناجاة الربانية من الخليفة الى حضرة الحق تعالى فتاب آدم على الله بالرجوع عن المعصية والاعتراف بذنبه والاعتذار لخطاه وسهوه { فتاب عليه } اى فرجع الرب عليه بالرحمة وقبول التوبة واصل التوب الرجوع فاذا وصف به العبد كان رجوعا عن المعصية الى الطاعة واذا وصف به البارى تعالى اريد به الرجوع عن العقوبة الى المغفرة والفاء للدلالة على ترتبه على تلقى الكلمات المتضمن لمعنى التوبة. وتمام التوبة من العبد بالندم على ما كان وبترك الذنب الآن وبالعزم على ان لا يعود اليه فى مستأنف الزمان وبرد مظالم العباد وبارضاء الخصم بايصال حقه اليه باليد والاعتذار منه باللسان واكتفى بذكر آدم عليه السلام لان حواء كانت تابعة له فى الحكم ولذلك طوى ذكر النساء فى اكثر القرآن والسنن { انه هو التواب } الرجاع على عباده بالمغفرة او الذى يكثر اعانتهم على التوبة { الرحيم } المبالغ فى الرحمة وفى الجمع بين الوصفين وعد بليغ للتائب بالاحسان مع العفو والغفران والجملة تعليل لقوله تعالى { فتاب عليه } قال فى المثنوى

السابقالتالي
2