الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ }

{ واذ قلنا } اى اذكر يا محمد وقت قولنا { للملائكة } اى لجميعهم لقوله تعالىفسجد الملائكة كلهم أجمعون } ص 73 { اسجدوا لآدم } اى خروا له والسجود فى الاصل تذلل مع تطامن وفى الشرع وضع الجبهة على قصد العبادة والمأمور به اما المعنى الشرعى فالمسجود له فى الحقيقة هو الله تعالى وجعل آدم قبلة سجودهم تفخيما لشأنه واما معنى اللغوى وهو التواضع لآدم تحية وتعظيما كسجود اخوة يوسف له وكان سجود التحية جائز فيما مضى ثم نسخ بقوله عليه السلام لسلمان حين أراد ان يسجد له " لا ينبغى لمخلوق ان يسجد لاحد الا الله تعالى ولو امرت احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها " فتحية هذه الامة هى السلام لكن يكره الانحناء لانه يشبه فعل اليهود كما فى الدرر وكان هذا القول الكريم بعد انبائهم بالاسماء قيل لما خلق آدم اشكل عليهم ان آدم اعلم ام هم فلما سألهم عن الاسماء فلم يعرفوا وسأل آدم فاخبر بها ظهر لهم ان آدم اعلم منهم ثم اشكل عليهم انه افضل ام هم فلما امرهم بالسجود ظهر لهم فضله ومن لطف الله تعالى بنا ان امر الملائكة بالسجود لا بينا ونهانا عن السجود لغيره فقاللا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدو لله الذى خلقهن } فصلت 37. نقل الملائكة المقربين الى آدم وسجدته ونقلنا الى سجدته وخدمته وفى التأويلات النجمية فى قوله { اسجدوا } ثلاثة معان. احدها انكم تسجدون لله بالطبيعة الملكية والروحانية فاسجدوا لآدم خلافا للطبيعة بل اعبدوا وارقوا انقيادا للامر وامتثالا للحكم. والثانى اسجدوا لآدم تعظيما لشأن خلافته وتكريما لفضيلته المخصوصة به وذلك لان الله تعالى يتجلى فيه فمن سجد له فقد سجد لله كما قال تعالىفى حق حبيبه عليه السلامإن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } الفتح 10. والثالث اسجدوا لآدم اى لاجل آدم وذلك لان طاعتهم وعبادتهم ليست بموجبة لثوابهم وترقى درجاتهم وفائدتها راجعة الى الانسان لمعنيين. احدهما ان الانسان يقتدى بهم فى الطاعة ويتأدب بآدابهم فى امتثال الاوامر وينزجر عن الاباء والاستكبار كيلا يلحق به اللعن والطرد كما لحق بابليس ويكون مقبولا ممدوحا مكرما كما كان الملائكة فى امتثال الامر لقوله تعالىلا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } التحريم 6. والثانى ان الله تعالى من كمال فضله ورحمته مع الانسان جعل همة الملائكة فى الطاعة والتسبيح والتحميد مقصورة على استعداد المغفرة للانسان كما قال تعالىوالملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض } الشورى 5. فلذلك امرهم بالسجود لاجلهم وليستغفروا لهم { فسجدوا } اى سجد الملائكة لانهم خلقوا من نور كما قال عليه السلام " خلقت الملائكة من نور "

السابقالتالي
2 3 4