الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ واذا } مفعول اذكر مقدرة اى اذكر لهم واخبر وقت { قال ربك } وتوجيه الامر بالذكر الى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع انها المقصودة بالذات للمباغلة فى اجاب ذكرها لما ان ايجاب ذكر الوقت ايجاب الذكر ما وقع فيه بالطريق البرهانى ولان الوقت مشتمل عليها فاذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها كانها مشاهدة عيانا { للملائكة } اللام للتبليغ وتقديم الجار والمجرور فى هذا الباب مطرد لما فى المقول من الطول غالبا مع ما فيه من الاهتمام بما قدم والتشويق الى ما اخر. والملائكة جمع ملك والتاء لتأكيد تأنيث الجماعة وسموا بها فانهم وسائط بين الله وبين الناس فهم رسله لان اصل ملك ملأك مقلوب مألك من الألوكة وهى الرسالة. والملائكة عند اكثر المسلمين اجسام لطيفة قادرة على التشكل باشكال مختلفة والدليل ان الرسل كانوا يرونهم كذلك. وروى فى شرح كثرتهم ان بنى آدم عشر الجن وهما عشر حيوانات البر والكل عشر الطيور والكل عشر حيوانات البحار وهؤلاء كلهم عشر ملائكة السماء الدنيا وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثانية وهكذا الى السماء السابعة ثم كل اولئك فى مقابلة الكرسى نزر قليل ثم جمع هؤلاء عشر ملائكة سرادق واحد من سرادقات العرش التى عدددها ستمائة الف طول كل سرادق وعرضه وسمكه اذا قوبلت به السموات والارض وما فيهما وما بينهما لا يكون لها عنده قدر محسوس وما منه من مقدار شبر الا وفيه ملك ساجد او راكع او قائم لهم زجل بالتسبيح والتقديس ثم كل هؤلاء فى مقابلة الذين يحومون حول العرش كالقطرة فى البحر ثم ملائكة اللوح الذين هم اشياع اسرافيل عليه السلام والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام لا يحصى اجناسهم ولا مدة اعمارهم ولا كيفيات عباداتهم الا باريهم العليم الخبير على ما قال تعالىوما يعلم جنود ربك إلا هو } المدثر 31 وروى انه صلى الله عليه وسلم حين عرج به الى السماء رأى ملائكة فى موضع بمنزلة شرف يمشى بعضهم تجاه بعض فسأل رسول الله جبريل عليهما السلام الى اين يذهبون فقال جبريل عليه السلام لا ادرى الا انى اراهم منذ خلقت ولا ارى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك ثم سألا واحدا منهم منذ كم خلقت فقال لا ادرى غير ان الله تعالى يخلق فى كل اربعة آلاف سنة كوكبا وقد خلق منذ ما خلقنى اربعمائة الف كوكب فسبحانه من اله ما اعظم قدره وما اوسع ملكوته واراد بهم الملائكة الذين كانوا فى الارض وذلك ان الله خلق السماء والارض وخلق الملائكة والجن فاسكن الملائكة السماء واسكن الجن الارض والجن هم بنوا الجان والجان ابو الجن كآدم ابو البشر وخلق الله الجان من لهب من نار لا دخان لها بين السماء والارض والصواعق تنزل منها ثم لما سكنوا فيها كثر نسلهم وذلك قبل آدم بستين الف سنة فعمروا دهرا طويلا فى الارض مقدار سبعة آلاف سنة ثم ظهر فيهم الحسد والبغى فافسدوا وقتلوا فبعث الله اليهم ملائكة سماء الدنيا وامر عليهم ابليس وكان اسمه عزازيل وكان اكثرهم علما فهبطوا الى الارض حتى هزموا الجن واخرجوهم من الارض الى جزائر البحور وشعوب الجبال وسكنوا الارض وصار امر العبادة عليهم اخف لان كل صنف من الملائكة يكون ارفع فى السموات يكون خوفهم اشد وملائكة السماء الدنيا يكون امرهم ايسر من الذين فوقهم واعطى الله ابليس ملك الارض وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة وكان له جناحان من زمرد أخضر وكان يعبد الله تارة فى الارض وتارة فى السماء وتارة فى الجنة فدخله العجب فقال فى نفسه ما اعطانى الله هذا الملك الا لانى اكرم الملائكة عليه وايضا كل من اطمأن الى الدنيا امر بالتحول عنها فقال الله تعالى له ولجنوده { انى جاعل } اى مصير { فى الارض } دون السماء لان التباغى والتظالم كان فى الارض { خليفة } وهو آدم عليه السلام لانه خلف الجن وجاء بعدهم ولانه خليفة الله فى ارضه اى أريد أن أخلق فى الارض بدلاً منكم ورافعكم الى فكرهوا ذلك لأنهم كانوا اهون الملائكة عبادة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد