الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }

{ الذين يؤمنون بالغيب } الجملة صفة مقيدة للمتقين ان فسر التقوى بترك ما لا ينبغى مترتبة عليه ترتب التحلية على التخلية والتصوير على التصقيل وموضحة ان فسر بما يعم فعل الطاعة وترك المعصية لاشتماله على ما هو اصل الاعمال واساس الحسنات من الايمان والصلاة والصدقة فانها امهات الاعمال النفسانية والعبادات البدنية والمالية المستتبعة لسائر الطاعات والتجنب عن المعاصى غالبا ألا يرى قوله تعالىإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } العنكبوت 45 وقوله عليه السلام " الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الاسلام ". والايمان هو التصديق بالقلب لان المصدق يؤمن المصدق يؤمن المصدق يؤمن المصدق اى يجعله آمنا من التكذيب او يؤمن نفسه من العذاب بفعله والله تعالى مؤمن لأنه يؤمن عباده من عذابه بفضله واستعماله بالباء ههنا لتضمنه معنى الاعتراف وقد يطلق على الوثوق فان الواثق يصير ذا امن وطمانينة. قال فى الكواشى الايمان فى الشريعة هو الاعتقاد بالقلب والاقرار باللسان والعمل بالاركان والاسلام الخضوع والانقياد فكل ايمان اسلام وليس كل اسلام ايمانا اذا لم يكن معه تصديق فقد يكون الرجل مسلما ظاهرا غير مصدق باطنا ولا يكون مصدقا باطنا غير منقاد ظاهرا. قال المولى ابو السعود رحمه الله فى تفسيره هو فى الشرع لا يتحقق بدون التصديق بما علم ضرورة انه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء ونظائرها وهل هو كاف فى ذلك او لا بد من انضمام الاقرار اليه للتمكن منه الاول رأى الشيخ الاشعرى ومن تابعه والثانى مذهب ابى حنيفة رحمه الله ومن تابعه وهو الحق فانه جعلهما جزئين له خلا ان الاقرار ركن محتمل للسقوط كما عند الاكراه وهو مجموع ثلاثة امور اعتقاد الحق والاقرار به والعمل بموجبه عند جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج فمن اخل بالاعتقاد وحده فهو منافق ومن اخل بالقرار فهو كافر ومن اخل بالعمل فهو فاسق اتفاقا عندنا وكافر عند الخوارج وخارج عن الايمان غير داخل فى الكفر عند المعتزلة. والغيب مصدر سمى به الغائب توسعا كقولهم للزآئر زور وهو ما غاب عن الحس والعقل غيبة كاملة بحيث لا يدرك بواحد منهما ابتداء بطريق البداهة وهو قسمان قسم لا دليل عليه وهو الذي اريد بقوله سبحانهوعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } الأنعام 59. وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته والنبوات وما يتعلق بها من الاحكام والشرائع واليوم الآخر واحواله من البعث والنشور والحساب والجاء وهو المراد ههنا. فالباء صلة الايمان اما بتضمينه معنى الاعتراف او بجعله مجازا عن الوثوق وهو واقع موقع المفعول به وان جعلت الغيب مصدرا على حاله كالغيبة فالباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من الفاعل اى يؤمنون ملتبسين بالغيبة اما عن المؤمن به اى غائبين عن النبى صلى الله عليه وسلم غير مشاهدين لما فيه من شواهد النبوة ويدل عليه انه قال حارث بن نغير لعبد الله بن مسعود رضى الله عنه نحن نحتسب لكم يا اصحاب محمد ما سبقتمونا به من رؤية محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته فقال عبد الله ونحن نحتسب لكم ايمانكم به ولم تروه وان افضل الايمان ايمان بالغيب ثم قرأ عبد الله { الذين يؤمنون بالغيب } كذا فى تفسير ابى الليث واما عن الناس اى غائبين عن المؤمنين لا كالمنافقين الذين

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد