الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ }

{ آمن الرسول } اى صدق النبى عليه السلام { بما أنزل } اى بكل ما انزل { إليه من ربه } من آيات القرآن ايمانا تفصيليا متعلقا بجميع ما فيه من الشرائع والاحكام والقصص والمواعظ واحوال الرسل والكتب وغير ذلك من حيث انه منزل منه تعالى. والايمان بحقيقة احكامه وصدق اخباره ونحو ذلك من فروع الايمان به من الحيثية المذكورة ولم يرد به حدوث الايمان فيه بعد ان لم يكن كذلك لانه كان مؤمنا بالله وبوحدانيته قبل الرسالة منه ولا يجوز ان يوصف بغير ذلك لكن اراد به الايمان بالقرآن فانه قبل انزال القرآن اليه لم يكن عليه الايمان به وهو معنى قولهما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان } الشورى 52. اى ولا الايمان بالكتاب فانه قالوما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب } القصص 86. { والمؤمنون } اى الفريق المعروفون بهذا الاسم وهو مبتدأ { كل } مبتدأ ثان { آمن } خبره والجملة خبر للمبتدأ الاول والرابط بينهما الضمير الذى ناب منابه التنوين وتوحيد الضمير فى آمن مع رجوعه الى كل المؤمنين لما ان المراد بيان ايمان كل فرد منهم من غير اعتبار الاجتماع وتغيير سبك النظم عما قبله لتأكيد الاشعار بما بين ايمانه صلى الله عليه وسلم المبنى على المشاهدة والعيان وبين ايمانهم الناشىء عن الحجة والبرهان من التفاوت البين والاختلاف الجلى كأنهما متخالفان من كل وجه حتى فى الهيئة الدالة عليهما اى كل واحد منهم آمن { بالله } وحده من غير شريك له فى الالوهية والمعبودية هذا ايمان اثبات وتوحيد { وملائكته } اى من حيث انهم عباد مكرمون له تعالى من شأنهم التوسط بينه تعالى وبين الرسل بانزال الكتب والقاء الوحى وهذا ايمان تصديق انهما من عند الله وتحليل ما احله وتحريم ما حرمه { وكتبه ورسله } اى من الحيثية المذكورة وهذا ايمان اتباع واطاعة ولم يذكر الايمان باليوم الآخر لاندراجه فى الايمان بكتبه. وهذا على تقدير ان يوقف على قوله تعالى من ربه ويجعل والمؤمنون كلاما ابتدائيا واختاره ابو السعود العمادى. ويجوز ان يكون قوله والمؤمنون معطوفا على الرسول فيوقف عليه والضمير الذى عوض عنه التنوين راجع الى المعطوفين معا كأنه قيل آمن الرسول والمؤمنون بما انزل اليه من ربه ثم فصل ذلك. وقيل كل واحد من الرسول والمؤمنون آمن بالله خلا انه قدم المؤمن به على المعطوف اعتناء بشأنه وايذانا باصالته صلى الله عليه وسلم فى الايمان به واختار الكواشى هذا الوجه حيث قال والاختيار الوقف على المؤمنون وهو حسن ليكون المؤمنون داخلين فيما دخل النبى صلى الله عليه وسلم فيه اى الايمان { لا نفرق } اى يقول الرسول والمؤمنون لا نميز { بين أحد من رسله } بان نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما قال اليهود والنصارى.

السابقالتالي
2 3