الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ كيف تكفرون } كيف نصب حالا من الضمير فى تكفرون اى معاندين تكفرون وتجحدون { بالله } اى بوحدانيته ومعكم ما يصرفكم عن الكفر الى الايمان من الدلائل الانفسية والآفاقية والاستفهام انكارى لا بمعنى انكار الوقوع بل بمعنى انكار الواقع واستبعاده والتعجيب منه لان التعجب من الله يكون على وجه التعجيب هو ان يدعو الى التعجب وكانه يقول ألا تتعجبون انهم يكفرون بالله كما فى تفسير ابى الليث. وقال القاضى هو استخبار والمعنى اخبرونى على أى حال تكفرون { وكنتم امواتا } جمع ميت كاقوال جمع قيل اى والحال انكم كنتم امواتا اى اجساما لا حياة لها عناصر واغذية ونطفا ومضغا مخلقة وغير مخلقة. قال فى الكشاف فان قلت كيف قيل لهم اموات حال كونهم جمادا وانما يقال ميت فيما نصح منه الحياة من البنى قلت بل يقال ذلك لعادم الحياة لقوله تعالىبلدة ميتا } الفرقان 49. { فاحياكم } بخلق الارواح ونفخها فيكم فى ارحام امهاتكم ثم فى دنياكم وهذا الزام لهم بالبعث والفاء للدلالة على التعقيب فان الاحياء حاصل اثر كونهم امواتا وان توارد عليهم فى تلك الحالة اطوار مترتبة بعضها متراخ عن بعض كما اشير اليه آنفا ثم لما كان المقام فى الدنيا قد يطول جاء بثم حرف التراخى فقال { ثم يميتكم } عند انقضاء آجالكم وكون الامانة من دلائل القدرة ظاهر واما كونها من النعم فلكونها وسيلة الى الحياة الثانية التى هى الحيوان الابدى والنعمة العظمى { ثم يحييكم } للسؤال فى القبور فيحيى حتى يسمع خفق نعالهم اذا ولوا مدبرين ويقال من ربك ومن نبيك وما دينك ودل ثم التى للتعقيب على سبيل التراخى على انه لم يرد به حياة البعث فان الحياة يومئذ يقارنها الرجوع الى الله بالحساب والجزاء وتتصل به من غير تراخ فلا يناسب ثم اليه ترجعون ودلت الآية على اثبات عذاب القبر وراحة القبر كما فى التيسير { ثم اليه ترجعون } بعد الحشر لا الى غيره فيجازيكم باعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر واليه تنشرون من قبوركم للحساب فما اعجب كفركم مع علمكم بحالكم هذه. فان قيل ان علموا انهم كانوا امواتا فاحياهم ثم يميتهم لم يعلموا انه يحييهم ثم اليه يرجعون. قلت تمكنهم من العلم بهما لما نصب لهم من الدلائل منزل منزلة علمهم فى ازاحة العذر سيما وفى الآية تنبيه على ما يدل به على صحتها وهو أنه تعالى لما قدر أن أحياهم اولا قد أن يحييهم ثانياً فان بدأ الخلق ليس باهون عليه من إعادته { هو الذى خلق لكم } هذا بيان نعمة اخرى اى قدر خلقها لاجلكم ولا نتفاعكم بها فى دنياكم ودينكم لان الاشياء كلها لم تخلق فى ذلك الوقت { ما فى الارض } اى الذى فيها من الاشياء { جميعا } نصب حالا من الموصول الثانى وقد يستدل بهذا على ان الاصل فى الاشياء الاباحة كما فى الكواشى.

السابقالتالي
2 3