الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ الله ولى الذين آمنوا } اى محبهم ومعينهم او متولى امورهم لا يكلهم الى غيره. فالولى قد يكون باعتبار المحبة والنصرة فيقال للمحب ولى لانه يقرب من حبيبه بالنصرة والمعونة لا يفارقه وقد يكون باعتبار التدبير والامر والنهى فيقال لاصحاب الولاية ولى لانهم يقربون القوم بان يدبروا امروهم ويراعوا مصالحهم ومهماتهم والمعنى الله ولى الذين اراد ايمانهم وثبت فى علمه انهم يؤمنون فى الجملة مآلا او حالا وانما اخرج عن ظاهره لان اخراج المؤمن بالفعل من الظلمات تحصيل الحاصل { يخرجهم من الظلمات } التى هى اعم من ظلمات الكفر والمعاصى وظلمات الشبه والشكوك بل مما فى بعض مراتب العلوم الاستدلالية من نوع ضعف وخفاء بالقياس الى مراتبها القوية الجلية بل مما فى جميع مراتبها بالنظر الى مرتبة العيان { إلى النور } الذى يعم نور الايمان ونور الايقان بمراتبه ونور العيان اى يخرج بهدايته وتوفيقه كل واحد منهم من الظلمة التى وقع فيها الى ما يقابلها من النور. وجمع الظلمات لان فنون الضلالة متعددة والكفر ملل وافرد النور لان الاسلام دين واجد ويسمى الكفر ظلمة لالتباس طريقه ويسمى الاسلام نورا لوضوح طريقه { والذين كفروا } اى الذين ثبت فى علمه كفرهم { أولياؤهم الطاغوت } اى الشياطين وسائر المضلين عن طريق الحق من الكهنة وقادة الشر وان حمل على الاصنام التى هى جمادات فالمعنى لا يكون على الموالاة الحقيقية التى هى المصادقة او تولى الامر بل يكون على ان الكفار يتولونهم اى يعتقدونهم ويتوجهون اليهم. والطاغوت تذكر وتؤنث وتوحد وتجمع { يخرجونهم } بالوساوس وغيرها من طريق الاضلال والاغواء { من النور } اى الايمان الفطرى الذى جبلوا عليه كافة { إلى الظلمات } اى ظلمات الكفر وفساد الاستعداد والانهماك فى الشهوات او من نور اليقينيات الى ظلمات الشكوك والشبهات واسناد الاخراج الى الطاغوت مجاز لكونها سببا له وذلك لا ينافى كون المخرج حقيقة هو الله تعالى فالآية لا تصلح ان تكون متمسكا للمعتزلة فيما ذهبوا اليه من ان الكفر ونحوه مما لا يكون اصلح للعبد ليس من الله تعالى بناء على انه اضاف الكفر الى الطاغوت لا الى نفسه { أولئك } اشارة الى الموصول باعتبار اتصافه بما فى حيز الصلة وما يتبعه من القبائح { أصحاب النار } اى ملابسوها وملازموها بسبب مالهم من الجرائم { هم فيها خالدون } ماكثون ابدا ولم يقل بعد قوله { يخرجهم من الظلمات إلى النور } اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون تعظيما لشأن المؤمنين لان البيان اللفظى لا يفى بما اعد لهم فى دار الثواب. واعلم ان مراتب المؤمنين فى الايمان متفاوتة وهم ثلاث طوائف. عوام المؤمنين. وخواصهم. وخواص الخواص. فالعوام يخرجهم الله من ظلمات الكفر والضلالة الى نور الايمان والهداية كقوله تعالى

السابقالتالي
2