الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

{ وبشر الذين آمنوا } البشارة الخبر السار الذى يظهر به اثر السرور فى البشرة اى فرح يا محمد قلوب الذين آمنوا بان القرآن منزل من عند الله تعالى فالخطاب للنبى عليه وقيل لكل من يتأتى منه التبشير كما فى قوله عليه الصلاة والسلام " بشر المشائين الى المساجد فى ظلم الليالى بالنور التام يوم القيامة ". فانه عليه السلام لم يأمر بذلك واحدا بعينه بل كل احد مما يتأتى منه ذلك { وعملوا الصالحات } اى فعلوا الفعلات الصالحات وهى كل ما كان لله تعالى وفى عطف العمل على الايمان دلالة على تغايرهما واشعار بان مدار استحقاق البشارة مجموع الامرين فان الايمان اساس والعمل الصالح كالبناء عليه ولا غناء باساس لابناء عليه وطلب الجنة بلا عمل حال السفهاء لان الله تعالى جعل العمل سببا لدخول الجنة والعبد وان كان يدخله الله الجنة بمجرد الايمان لكن العمل يزيد نور الايمان وبه يتنور قلب المؤمن وكم من عقبة كؤود تستقبل العبد الى ان يصل الى الجنة واول تلك العقابات عقبة الايمان انه هل يسلم من السلب ام لا فلزم العمل لتسهيل العقبات { ان لهم } اى بان لهم { جنات } بساتين فيها اشجار مثمرة. والجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم كذا قال الفراء ولفط التفاف اغصان اشجارها وتسترها بالاشجار سميت جنة كانها سترة واحدة لان الجنة بناء مرة وانما سميت دار الثواب بها مع ان فيها ما لا يوصف من الغرفات والقصور لما انها مناط نعيمها ومعظم ملاذها. فان قلت ما معنى جمع الجنة وتنكيرها. قلت الجنة اسم لدار الثواب كلها وهى مشتملة على جنان كثيرة مرتبة مراتب على استحقاقات العاملين لكل طبقة منهم جنة من تلك الجنان. ثم الجنان ثمان دار الجلال كلها من نور مدائنها وقصورها وبيوتها واونيها وشرفها وابوابها ودرجها وغرفها واعاليها واسافلها وخيامها وحليها وكل ما فيها ودار القرار كلها من المرجان ودار السلام كلها من الياقوت الاحمر وجنة عدن من الزبرجد كلها وهى قصبة الجنة وهى مشرفة على الجنان كلها وباب جنة عدن مصراعان من زمرد وياقوت ما بين المصراعين كما بين المشرق والمغرب وجنة المأوى من الذهب الاحمر كلها وجنة الخلد من الفضلة كلها وجنة الفردوس من اللؤلؤ كلها وحيطانها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت ولبنة من زبرجد وملاطها وما يجعل بين اللبنتين مكان الطين المسك وقصورها الياقوت وغرفها اللؤلؤ ومصاريعها الذهب وارضها الفضة وحصباؤها المرجان وترابها المسك ونباتها الزغفران والعنبر وجنة النعيم من الزمرد كلها وفى الخبر ان المؤمن اذا دخل الجنة رأى سبعين الف حديقة فى كل حديقة سبعون الف شجرة على كل شجرة سبعون الف ورقة وعلى كل ورقة لا اله الا الله محمد رسول الله امة مذنبة ورب غفور كل ورقة عرضها من مشرق الشمس الى مغربها { تجرى من تحتها الانهار } الجملة صفة لجنات والانهار جمع نهر بفتح الهاء وسكونها وهو المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر كالنيل نهر مصر والمراد بها ماؤها.

السابقالتالي
2 3 4 5