الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ وقال لهم نبيهم } طلبوا علامة من نبيهم على كون طالوت ملكا عليهم فقالوا ما آية ملكه فقال { إن آية ملكه } اى علامة سلطنته { أن يأتيكم التابوت } من التوب وهو الرجوع وسمى تابوتا لانه ظرف توضع فيه الاشياء وتودع فلا يزال يرجع اليه ما يخرج منه وصاحبه يرجع اليه فيما يحتاج اليه من مودعاته والمراد به صندوق التوراة وكان قد رفعه الله بعد وفاة موسى عليه السلام سخطا على بنى اسرائيل لما عصوا واعتدوا فلما طلب القوم من نبيهم آية تدله على ملك طالوت قال لهم ان آية ملكه ان يأتيكم التابوت من السماء والملائكة يحفظونه فاتاهم كما وصف والقوم ينظرون اليه حتى نزل عند طالوت وهذا قول ابن عباس رضى الله عنهما. وقال ارباب الاخبار ان الله تعالى انزل على آدم عليه السلام تابوتا فيه تماثيل الانبياء عليهم السلام من اولاده وكان من عود الشمشار ونحوا من ثلاثة اذرع فى ذراعين فكان عند آدم عليه السلام الى ان توفى فتوارثه اولاده واحد بعد واحد الى ان وصل الى يعقوب عليه السلام ثم بقى فى ايدى بنى اسرائيل الى ان وصل الى موسى عليه السلام فكان يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه وكان اذا قاتل قدمه فكانت تسكن اليه نفوس بنى اسرائيل وكان عنده الى ان توفى ثم تداولته ايدى بنى اسرائيل وكانوا اذا اختلفوا فى شىء تحاكموا اليه فيكلمهم ويحكم بينهم وكانوا اذا حضروا القتال يقدمونه بين ايديهم ويستفتحون به على عدوهم وكانت الملائكة تحمله فوق العسكر ثم يقاتلون العدو فاذا سمعوا فى التابوت صيحة استيقنوا النصر فلما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبوهم على التابوت وسلبوه وجعلوه فى موضع البول والغائط فلما اراد الله ان يملك طالوت سلط الله عليهم البلاء حتى ان كل من بال عنده ابتلى بالبواسير وهلكت من بلادهم خمس مدائن فعلم الكفار ان ذلك سبب استهانتهم بالتابوت فاخرجوه وجعلوه على عجلة وعقلوها على ثورين فاقبل الثوران يسيران وقد وكل الله بهما اربعة من الملائكة يسوقونهما حتى اتيا منزل طالوت فلما سألوا نبيهم البينة على ملك طالوت قال لهم النبى ان آية ملكه انكم تجدون التابوت فى داره فلما وجدوه عنده ايقنوا بملكه فالاتيان على هذا مجاز لانه اتى به ولم يأت هو بنفسه فنسب الاتيان اليه توسعا كما يقال ربحت التجارة وعلى الوجه الاول حقيقة { فيه } اى فى اتيان التابوت { سكينة من ربهم } اى سكون لكم وطمأنينة كائنة من ربكم او الضمير للتابوت. قال بعض المحققين السكينة تطلق على ثلاثة اشياء بالاشتراك اللفظى. اولها ما اعطى بنوا اسرائيل فى التابوت كما قال تعالى { إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم } قال المفسرون هى ريح ساكنة طيبة تخلع قلب العدو بصوتها رعبا اذا التقى الصفان وهى معجزة لانبيائهم وكرامة لملوكهم.

السابقالتالي
2 3