الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

{ من } استفهام للتحريض على التصدق مبتدأ { ذا } اشارة الى المقرض خبر المبتدأ اى من هذا { الذى } صفة ذا او بدل منه { يقرض الله } اصل القرض القطع سمى به لان المعطى يقرضه اى يقطعه من ماله فيدفعه اليه ليرجع اليه مثله من الثواب واقراض الله مثل لتقديم العمل الذى يطلب به ثوابه { قرضا } مصدر ليقرض بمعنى اقراض كقوله تعالى { أنبتكم من الأرض نباتا } اى اقراضا { حسنا } اى مقرونا بالاخلاص وطيب النفس ويجوز ان يكون القرض بمعنى المقرض اى بمعنى المفعول على انه مفعول ثان ليقرض وحسنه ان يكون حلالا صافيا عن شوب حق الغير به. وقيل القرض الحسن المجاهدة والانفاق فى سبيل الله ومن انواع القرض قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر { فيضاعفه له } منصوب باضمار ان عطفا على المصدر المفهوم من يقرض الله فى المعنى فيكون مصدرا معطوفا على مصدر تقديره من ذا الذى يكون منه اقراض فمضاعفة من الله او منصوب على جواب الاستفهام فى المعنى لان الاستفهام وان وقع عن المقرض لفظا فهو عن الاقراض معنى كأنه قال أيقرض الله احد فيضاعفه واصل التضعيف ان يزاد على الشىء مثله او امثاله { أضعافا } جمع ضعف حال من الهاء فى يضاعفه { كثيرة } هذا قطع للاوهام عن مبلغ الحساب اى لا يعلم قدرها الا الله. وقيل الواحد سبعمائة وحكمة تضعيف الحسنات لئلا يفلس العبد اذا اجتمع عليه الخصماء فمظالم العباد توفى من التضعيفات لا من اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة. وذكر الامام البيهقى ان التضعيفات فضل من الله تعالى لا يتعلق بها العباد كمالا يتعلق بالصوم بل يدخرها الحق للعبد فضلا منه سبحانه فاذا دخل الجنة اثابه بها قال السعدى
نكو كارى از مردم نيك رأى يكى را بده مى نويسد خداى كرم كن كه فردا كه ديوان نهند منازل بمقدار احسان تهند   
ولما حثهم على الاخراج سهل عليهم الاقراض واخبر انهم لا يمكنهم ذلك الا بتوفيقه فقال { والله يقبض } يقتر على بعض { ويبسط } يوسع على بعض او يقتر تارة ويوسع اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح واذا علم العبد ذلك هان عليه الاعطاء لان الله تعالى هو الرزاق وهو الذى وسع عليه فهو يسأل منه ما اعطاه ولانه يخلفه عليه فى الدنيا ويثيبه عليه فى العقبى فكأن الله تعالى يقول اذا علمتم ان الله هو القابض والباسط وان ما عندكم انما هو من بسطه واعطائه فلا تبخلوا عليه فاقرضوه وانفقوا مما وسع عليكم واعطاكم ولا تعكسوا بان تبخلوا لئلا يعاملكم مثل معاملتكم فى التعكيس بان يقبض بعد ما بسط.

السابقالتالي
2 3