الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } اى وان طلقتموهن من قبل المسيس حال كونكم مسمين لهن عند النكاح مهرا { فنصف ما فرضتم } اى فلهن نصف ما سميتم لهن من المهر وان مات احدهما قبل الدخول فيجب عليه كله لان الموت كالدخول فى تقرير المسمى كذلك فى ايجاب مهر المثل اذا لم يكن فى العقد مسمى { إلا أن يعفون } استثناء من اعم الاحوال اى فلهن نصف المفروض معينا فى كل حال الا فى حال عفوهن اى المطلقات فانه يسقط ذلك حينئذ بعد وجوبه { أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح } اى يترك الزوج المالك لعقده وحله ما يعود اليه من نصف المهر الذى ساقه اليها كملا على ما هو المعتاد تكرما فان ترك حقه عليها عفو بلا شبهة فالمراد بقوله الذى بيده عقدة النكاح الزوج لا الولى والمراد بعفوه ان يعطيها الصداق كاملا النصف الواجب عليه والنصف الساقط العائد اليه بالتنصيف وتسمية الزيادة على الحق عفوا لما كان الغالب عندهم ان يسوق الزوج اليها كل المهر عند التزوج فاذا طلقها قبل الدخول فقد استحق ان يطالبها بنصف ما ساق اليها فاذا ترك المطالبة فقد عفا عنها { وأن تعفوا أقرب للتقوى } واللام فى التقوى تدل على علة قرب العفو تقديره العفو اقرب من اجل التقوى اذ الاخذ كأنه عوض من غير معوض عنه او ترك المروءة عند ذلك ترك للتقوى وفى الحديث " كفى بالمرء من الشح ان يقول آخذ حقى لا اترك منه شيأBR> ". وفى حديث الاصمعى اتى اعرابى قوما فقال لهم هذا فى الحق او فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتغافل افضل من اخذ الحق كله كذا فى المقاصد الحسنة للسخاوى { ولا تنسوا الفضل بينكم } ليس المراد منه النهى عن النسيان لان ذلك ليس فى الوسع بل المراد منه الترك والمعنى لا تتركوا الفضل والافضال فيما بينكم باعطاء الرجل تمام الصداق وترك المرأة نصيبها حثهما جميعا على الحسان والافضال وقوله بينكم منصوب بلا تنسوا قال السعدى قدس سره
كسى نيك بيند بهر دوسراى كه نيكى رساند بخلق خداى   
{ إن الله بما تعملون بصير } فلا يكاد يضيع ما عملتم من التفضل والاحسان. والبصر فى حقه تعالى عبارة عن الوصف الذى به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك اوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر القاصر على ظواهر المرئيات. والحظ الدينى للعبد من البصر امران. احدهما ان يعلم انه خلق له البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة قيل لعيسى عليه السلام هل احد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى.

السابقالتالي
2