الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } * { فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ يسألونك } قال ابن عباس رضى الله عنهما ما رأيت قوما كانوا خيرا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوه الا عن ثلاث عشرة مسألة كلها فى القرآن ما كانوا يسألونه الا عما ينفعهم وينفع المسلمين { عن الخمر } اى عن حكم تعاطيها بقرينة الجواب لان الحل والحرمة والاثم والطاعة انما هى من عوارض افعال المكلفين ولا اثم فى ذوات الاشياء واعيانها ويدخل فى تعاطى الخمر البيع والشراء وغيرهما مما يدخل تحت التصرف على خلاف الشرع. والخمر مصدر خمره اى ستره سمى به من عصير العنب ما غلى واشتد وقذف بالزبد لتغطيتها العقل والتمييز كأنها نفس الستر كما سميت سكرا لانها تسكرهما اى تحجزهما { و } عن تعاطى { الميسر } مصدر ميمى من يسر كالموعد والمرجع يقال يسرته اذا قمرته واشتقاقه اما من اليسر لانه اخذ المال بيسر من غير كد وتعب واما من اليسار لانه سلب له ويدخل فيه جميع انواع القمار والشطرنج وغيرهما حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب { قل فيهما } اى فى تعاطى الخمر والميسر واستعمالهما { إثم كبير } لما ان الاول مسلبة للعقول التى هى قطب الدين والدنيا مع كون كل منهما متلفة للاموال { ومنافع للناس } من كسب الطرب والمغالاة بثمن الخمر اذا جلبوها من الاطراف وفيها تقوية الضعيف وهضم الطعام والاعانة على الباءة اى الجماع وتسلية المحزون وتشجيع الجبان وتسخية البخيل وتصفية اللون وانطاق الفتى العى وتهييج الهمة. ومنافع الميسر اصابة المال من غير كد ولا تعب وانتفاع الفقراء بلحم الجزور فانهم كانوا يفرقونها على المحتاجين. قال الواقدى وربما قمر الواحد منهم فى مجلس مائة بعير فيصيب مالا عظيما بلا نصب ولا ثمن ثم يعطيه المحتاجين فيكتسب المدح والثناء { وإثمهما اكبر من نفعهما } وفى الخمر ايقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهى تسفه الحليم ويصير شاربها بحيث يلعب ببوله وعذرته وقيئه كما ذكر ابن ابى الدنيا انه مر على سكران وهو يبول فى يده ويمسح به وجهه كهيئة المتوضىء ويقول الحمد الله الذى جعل الاسلام نورا والماء طهورا. وفى الميسر انه اذا ذهب ماله من غير عوض ساءه ذلك فعادى صاحبه وقصده بالسوء. قال المفسرون تواردت فى الخمر اربع آيات نزلت بمكةومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } النحل 67 فطفق المسلمون يشربونها وهى لهم حلال يومئذ ثم ان عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة رضى الله تعالى عنهم قالوا افتنا يا رسول الله فى الخمر فانها مذهبة للعقل فنزلت { يسألونك عن الخمر والميسر } الآية فشربها قوم وقالوا نأخذ منفعتها ونترك اثمها وتركها آخرون وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه اثم كبير ثم ان عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه دعا ناسا منهم فشربوا وسكروا قام احدهم فقرأ قل يا ايها الكافرون اعبد ما تعبدون الى آخر السورة بدون لا فى لا اعبد فنزلت

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8