الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إن الذين آمنوا } نزلت فى السرية فان الله تعالى لما فرج عنهم بالآية السابقة ما كانوا فيه من الغم الشديد بقتالهم فى الشهر الحرام طمعوا فيما عند الله من ثوابه فقالوا يا رسول الله لا عقاب علينا فيما فعلنا فهل نعطى اجرا او ثوابا ونطمع ان يكون سفرنا هذا سفر غزو وطاعة فأنزل الله تعالى هذه الآية لانهم كانوا مؤمنين مهاجرين وكانوا بسبب هذه المقاتلة مجاهدين والمعنى ثبتوا على ايمانهم فلم يرتدوا { والذين هاجروا } اى فارقوا منازلهم واهلهم { وجاهدوا } المجاهدة استفراغ ما فى الوسع اى حاربوا المشركين { فى سبيل الله } فى طاعته لاعلاء دينه { اولئك يرجون } بمالهم من مبادى الفوز { رحمة الله } اى ثوابه ولا يحبط اعمالهم كاعمال المرتدين اثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو للايذان بانهم عالمون بان العمل غير موجب للاجر وانما هو بطريق التفضل منه تعالى لا لان فى فوزهم اشتباها { والله غفور } مبالغ فى مغفرة ما فرط من عباده خطأ { رحيم } يجزل لهم الاجر والثواب. قال قتادة هؤلاء خيار هذه الامة ثم جعلهم الله اهل رجاء كما تسمعون وانه من رجا طلب ومن خاف هرب ـ روى ـ انه مر ابو عمر البيكندى يوما بسكة فرأى اقواما ارادوا اخراج شاب من المحلة لفساده وامرأة تبكى قيل انها امه فرحمها ابو عمر فشفع له اليهم وقال هبوه منى فى هذه المرة فان عاد الى فساده فشأنكم فوهبوه منه فمضى ابو عمر فلما كان بعد ايام اجتاز بتلك السكة فسمع بكاء العجوز من ورآء ذلك الباب فقال فى نفسه لعل الشاب عاد الى فساده فنفى من المحلة فدق عليها الباب وسألها عن حال الشاب فقالت انه مات فسأله عن حاله فقالت لما قرب اجله قال لا تخبرى الجيران بموتى فلقد آذيتهم فانهم سيشتموننى ولا يحضرون جنازتى فاذا دفنتنى فهذا خاتم لى مكتوب عليه بسم الله الرحمن الرحيم فادفنيه معى فاذا فرغت من دفنى فتشفعى لى الى ربى ففعلت وصيته فلما انصرفت عن رأس القبر سمعت صوته يقول انصرفى يا اماه فقد قدمت على رب كريم ونعم ما قيل ببهانه ميدهد ببها نميدهد ـ قيل ـ ان الحجاج لما احضرته الوفاة كان يقول اللهم اغفر لى فان الناس يزعمون انك لا تفعل ومات بواسط سنة خمس وتسعين وهى مدينته التى انشأها وكان يوم موته يسمى عرس العراق ولم يعلم بموته حتى اشرفت جارية من القصر وهى تبكى وتقول ألا ان مطعم الطعام ومفلق الهام قد مات ثم دفن ووقف رجل من اهل الشام على قبره فقال اللهم لا تحرمنا شفاعة الحجاج وحلف رجل من اهل العراق بالطلاق ان الحجاج فى النار فاستفتى طاووس فقال يغفر الله لمن يشاء وما اظنها الا طلقت فيقال انه استفتى الحسن البصرى فقال اذهب الى زوجتك وكن معها فان لم يكن الحجاج فى النار فما يضركما انكما فى الحرام فقد وقفت من هذا المذكور على ان الله تعالى غفور رحيم يغفر لعبده وان جاء بمثل زبد البحر ذنبا فاللازم للعباد الرجاء من الله تعالى قال الراغب وهذه المنازل الثلاثة التى هى الايمان والمهاجرة والجهاد هى المعنية بقوله

السابقالتالي
2