الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

{ هل ينظرون } استفهام فى معنى النفى ونظر بمعنى انتظر اى ينتظر من يترك الدخول فى السلم ويتبع خطوات الشيطان { إلا أن يأتيهم الله } اى الا اتيان الله اى عذابه على حذف المضاف لان الله تعالى منزه عن المجيئ والذهاب المستلزمين للحركة والسكون لان كل ذلك محدث فيكون كل ما يصح عليه المجيئ والذهاب محدثا مخلوقا له والاله القديم يستحيل ان يكون كذلك. وسئل على رضى أين كان تعالى قبل خلق السموات والارض قال أين سؤال عن المكان وكان الله تعالى ولا مكان وهو اليوم على ما كان ومذهب المتقدمين فى هذه الآية وما شاكلها ان يؤمن الانسان بظاهرها ويكل علمها الى الله لانه لا يأمن فى تعيين مراد الله تعالى من الخطأ فالاولى السكوت ومذهب جمهور المتكلمين ان لا بد من التأويل على سبيل التفصيل { فى ظلل } كائنة { من الغمام } والظلل جمع ظلة وهى ما أظلك والغمام السحاب الابيض الرقيق سمى غماما لانه يغم اى يستر ولا يكون السحاب ظلة الا اذا كان مجتمعا متراكما فالظلل من الغمام عبارة عن قطع متفرقة كل قطعة تكون فى غاية الكثافة والعظم وكل قطعة ظلة { والملائكة } اى ويأتيهم الملائكة فانهم وسائط فى اتيان امره تعالى بل هم الآتون ببأسه على الحقيقة. وتلخيصه قد قامت الحجج فلم يبق الا نزول العذاب. فان قلت لم لم يأتهم العذاب فى الغمام كما فعل بقوم يونس وقوم عاد وقوم شعيب. قلت لان الغمام مظنة الرحمة فاذا نزل منه العذاب كان الامر افظع وأهول لان الشر اذا جاء من حيث لا يحتسب كان اغم كما ان الخير اذا جاء من حيث لا يحتسب كان أسر فكيف اذا جاء الشر من حيث يحتسب الخير ولذلك كانت الصاعقة من العذاب المستفظع لمجيئها من حيث يتوقع الخير اى الغيث ومن ثمه اشتد على المتفكرين فى كتاب الله تعالى قولهوبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } الزمر 47. فان تفسيره على ما قالوا عملوا اعمالا حسبوها حسنات فاذا هى سيآت وذلك لتجويزهم ان يكون عملهم كذلك فيجيئهم الشر من حيث يتوقعون الخير فخافوا من ذلك ـ روى ـ أن محمد بن واسع تلا هذه الآية فقال آه آه الى ان فارق الدنيا { وقضى الامر } اى تم امر اهلاكهم وفرغ منه وهو عطف على يأتيهم داخل فى حيز الانتظار وانما عدل الى صيغة الماضى دلالة على الحقيقة فكأنه قد كان { والى الله } لا الى غيره { ترجع الامور } اى امور الخلق وامالهم هو القاضى بينهم يوم القيامة والمثيب والمعاقب فينبغى للمؤمن ان يكون فى جانب الانقياد ويحترز عن الهوى وخطوات الشيطان وعن النبى عليه السلام انه قال

السابقالتالي
2