الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }

{ ذلك الكتاب } الم مبتدأ على انه اسم القرآن على احد الوجوه وذلك خبره اشارة الى الكتاب فيكون الكتاب صفة والمراد به الكتاب الكامل الموعود انزاله فى الكتب المتقدمة وانما اشار بذلك الى ما ليس ببعيد لان الكتاب من حيث كونه موعودا فى حكم البعيد قالوا لما انزل الله تعالى على موسى التوراة وهى الف سورة كل سورة الف آية قال موسى عليه السلام يا رب ومن يطيق قراءة هذا الكتاب وحفظه فقال تعالى اني أنزل كتاباً أعظم من هذا قال على من يا رب قال على خاتم النبيين قال وكيف تقرؤه امته ولهم اعمار قصيرة قال انى ايسره عليهم حتى يقرؤه صبيانهم قال يا رب وكيف تفعل قال إني انزلت من السماء الى الارض مائة وثلاثة كتب خمسين على شيت وثلاثين على ادريس قال وعشرين على ابراهيم والتوراة عليك والزبور على داود والانجيل على عيسى وذكرت الكائنات فى هذه الكتب فأذكر جميع معانى هذه الكتب فى كتاب محمد واجمع ذلك كله فى مائة واربع عشرة سورة واجعل هذه السور فى ثلاثين جزأ والأجزاء فى سبعة اسباع ومعنى هذه الاسباع فى سبع آيات الفاتحة ثم معانها فى سبعة احرف وهى بسم الله ثم ذلك كله فى الألف من الم ثم افتتح سورة البقرة فاقول الم ولما وعد الله ذلك فى التوراة وانزله على محمد عليه السلام جحدت اليهود لعنهم الله ان يكون هذا ذلك فقال تعالى ذلك الكتاب كما فى تفسير التيسير ولهذه الآية وجوه اخر من الاعراب ذكرت فى التفاسير فلتطلب ثمة { لا ريب } كائن { فيه } فقوله ريب اسم لا وفيه خبرها وهو فى الاصل من رابنى الشئ اذا حصل فيك الريبة وهى قلق النفس واضطرابها سمى به الشك لانه يقلق النفس ويزيل الطمأنينية وفى الحديث " دع ما يريبك الى ما لا يريبك ". فان الشك ريبة والصدق طمأنينة ومنه ريب الزمان لنوائبه * وفى التفسير المسمى بالتيسير الريب شك فيه خوف وهو اخص من الشك فكل ريب شك وليس كل شك ريبا والشك هو التردد بين النقيضين لا ترجيح لاحدهما على الآخر عند الشاك ولم يقدم الظرف على الريب لئلا يذهب الفهم الى ان كتابا آخر فيه الريب لا فيه. فان قلت الكفار شكوا فيه فلم يقروا بكتاب الله تعالى والمبتدعون من اهل القبلة شكوا فى معانى متشابهه فاجروها على ظاهرها وضلوا بها والعلماء شكوا فى وجوهه فلم يقطعوا القول على وجه منها والعوام شكوا فيه فلم يفهموا معانيه فما معنى نفى الريب عنه. فالجواب ان هذا نفى الريب عن الكتاب لاعن الناس والكتاب موصوف بانه لا يتمكن فيه ريب فهو حق صدق معلوم ومفهوم شك فيه الناس او لم يكشو كالصدق صدق فى نفسه وان وصفه الناس بالكذب والكذب كذب وان وصفه الناس بالصدق فكذا الكتاب ليس مما يلحقه ريب او يتمكن فيه عيب ويجوز ان يكون خبرا فى معنى الامر ومعناه لا ترتابوا كقوله تعالى

السابقالتالي
2 3