{ وأتموا الحج والعمرة } الحج فرض على من استطاع اليه سبيلا بالاتفاق والعمرة سنة عند ابى حنيفة رحمه الله لا تلزم الا بالشروع كنفل الصلاة والمعنى ان من شرع فى أى واحد منهما فليتمه قالوا ومن الجائز ان لا يكون الدخول فى شىء واجبا ابتداء الا انه بعد الشروع فيه يكون اتمامه واجبا { لله } متعلق بأتموا واللام لام المفعول من أجله وفائدة التخصيص به هنا ان العرب كانت تقصد الحج للاجتماع والتظاهر وحضور الاسواق وكل ذلك ليس لله فيه طاعة ولا قربة فامر الله بالقصد اليه لاداء فرضه وقضاء حقه والمعنى اكملوا اركانهما وشرائطهما وسائر افعالهما المعروفة شرعا لوجه الله تعالى من غير اخلال منكم بشىء منها واخلصوها للعبادة ولا تشوبوهما بشىء من التجارة والاغراض الدنيوية واجعلوا النفقة من الحلال. واركان الحج خمسة الاحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعى بين الصفا والمروة وحلق الرأس او التقصير فركن الحج ما لا يحصل التحلل الا بالاتيان به وواجباته هو الذى اذا ترك يجبر بالدم وسننه ما لا يجب بتركه شىء وكذا افعال العمرة تشتمل على هذه الامور الثلاثة فاركانها اربعة الاحرام والطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة والحلق. وللحج تحللان واسباب التحلل ثلاثة رمى جمرة العقبة يوم النحر وطواف الزيارة والحلق واذا وجد شيآن من هذه الاشياء الثلاثة حصل التحلل وبالثالث حصل التحلل الثانى وبعد التحلل الاول يستبيح جميع المحظورات اى محظورات الاحرام الا النساء وبالثانى يستبيح الكل واتفقت الامة على انه يجوز اداء الحج والعمرة على ثلاثة اوجه الافراد والتمتع والقران فصورة الافراد ان يحرم بالحج مفردا ثم بعد الفراغ منه يعتمر من الحل اى الذى بين المواقيت وبين الحرم وصورة التمتع ان يبتدئ باحرام العمرة فى اشهر الحج ويأتى بمناسكها ثم يحرم بالحج من مكة فيحج فى هذا العام وصورة القران ان يحرم بالحج والعمرة معا بان ينويهما بقلبه ويأتى بمناسك الحج وحينئذ يكون قد اتى بالعمرة ايضا لان مناسك العمرة هى مناسك الحج من غير عكس او يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل ان يفتتح الطواف فيصير قارنا ولو احرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة ثم يدخل عليها الحج قبل ان يفتتح الطواف فيصير قارنا ولو احرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة لم ينعقد احرامه بالعمرة والافضل عندنا من هذه الوجوه هو القران وفى الحديث " تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور جزاء الا الجنةBR> ". { فإن احصرتم } اى منعتم وصددتم عن الحج والوصول الى البيت بمرض او عدو او عجز اوذهاب نفقة او راحلة او سائر العوائق بعد الاحرام باحد النسكين وهذا التعميم عند ابى حنيفة رحمه الله لان الخطاب وان كان للنبى واصحابه وكانوا ممنوعين بالعدو لكن الاعتبار لعموم اللفظ لا لخصوص السبب { فما استيسر } اى فعليكم ما تيسر { من الهدى } من اما تبعيضية او بيانية اى حال كونه بعض الهدى او الكائن من الهدى جمع هدية كتمر وتمرة وهو ما يهدى الى البيت تقربا الى الله من النعم ايسره شاة واوسطه بقرة واعلاه بدنة ويسمى هديا لانه جار مجرى الهدية التى يبعثها العبد الى ربه بان بعثها الى بيته والمعنى ان المحرم اذا احصر واراد ان يتحلل تحلل بذبح هدى تيسر عليه من بدنة او بقرة او شاة حيث احصر فى أى موضع كان عند الشافعى واما عندنا فيبعث به الى الحرم ويجعل للمبعوث على يده يوم ذبحه امارة اى علامة فاذا جاء اليوم وظن انه ذبح تحلل لقوله تعالى { ولا تحلقوا رؤسكم } اى لا تحللوا بحلق رؤسكم { حتى يبلغ الهدى محله } حتى تعلموا ان الهدى المبعوث الى الحرم بلغ مكانه الذى وجب ان ينحر فيه.