الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وأنفقوا فى سبيل الله } الانفاق صرف المال الى وجوه المصالح والمراد بالسبيل الدين المؤدى الى ثواب الله ورحمته فكل ما امر الله به من الانفاق فى اعزاز الدين واقامته فهو داخل فى هذ الآية سواء كان فى اقامة الحج او العمرة او جهاد الكفار او صلة الارحام او تقوية الضعفاء من الفقراء والمساكين او رعاية حقوق الاهل والاولاد او غير ذلك مما يتقرب به الى الله تعالى امر تعالى بالجهاد بالمال بعد الامر به بالنفس اى واصرفوا اموالكم فى سبيل الله ولا تمسكوا كل الامساك { ولا تلقوا } الالقاء طرح الشىء حيث تراه ثم صار اسما لكل طرح عرفا وتعديته بالى لتضمنه معنى الانتهاء { بأيديكم } الباء زائدة فى المفعول به لان القى يتعدى بنفسه قال تعالىفألقى موسى عصاه } الشعراء 44. ولا يقال القى بيده الا فى الشر والمراد بالايدى الانفس فان اليد لازم للنفس وتخصيص اليد من بين سائر الجوارح اللازمة لها لان اكثر الاعمال يظهر بالمباشرة باليد والمعنى لا تطرحوا انفسكم { الى التهلكة } اى الهلاك بالاسراف وتضييع وجه المعاش لتكون الآية نظير قوله تعالىوالذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } الفرقان 67. او بالكف عن الغزو والانفاق فى مهماته فان ذلك مما يقوى العدو ويسلطه عليكم ويؤيده ما روى عن ابى ايوب الانصارى رضى الله تعالى عنه انه قال ان الله تعالى لما اعز دينه ونصر رسوله قلنا فيما بيننا انا قد تركنا اهلنا واموالنا حتى فشا الاسلام ونصر الله نبيه فلو رجعنا الى اهلنا واموالنا فاقمنا فيها واصلحنا ما ضاع منا فانزل الله تعالى { وانفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة } اى الى ما يكون سببا لهلاككم من الاقامة فى الاهل والمال وترك الجهاد فما زال ابو ايوب يجاهد فى سبيل الله حتى كان آخر غزوة غزاها بقسطنطينية فى زمن معاوية فتوفى هناك ودفن فى اصل سور قسطنطينية وهم يستشفون به وفى الحديث " من مات ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاقBR> ". { واحسنوا } اى تفضلوا على الفقراء { ان الله يحب المحسنين } اى يريد بهم الخير ـ روى ـ ان الحجاج لما ولى العراق كان يطعم فى كل يوم على الف مائدة يجمع على كل مائدة عشر انفس وكان يرسل الرسل الى الناس لحضور الطعام فكثر عليه ذلك فقال ايها الناس رسولى اليكم الشمس اذا طلعت فاحضروا للغداء واذا غربت فاحضروا للعشاء فكانوا يفعلون ذلك واستقل الناس يوما فقال ما بال الناس قد قلوا فقال رجل ايها الامير انك اغنيت الناس فى بيوتهم عن الحضور الى مائدتك فاعجبه ذلك وقال اجلس بارك الله عليك هذا كرم الحجاج واحسانه الى الخلق مع كونه اظلم اهل زمانه قال السعدى قدس سره

السابقالتالي
2