الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ يسألونك عن الأهلة } روى ان معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الانصاريين قالا يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوى ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا اولا ولا يكون على حالة واحدة فأنزل الله تعالى { يسألونك عن الأهلة } وهى جمع هلال والهلال اول ما يظهر لك من نور القمر الى ثلاث ليال وسمى هلالا لان الناس يرفعون اصواتهم بالذكر عند رؤيته من قولهم استهل الصبى اذا صرخ حين يولد واهل القوم بالحج اذا رفعوا اصواتهم بالتلبية { قل } يا محمد { هى } الاهلة { مواقيت } جمع ميقات من الوقت والفرق بينه وبين المدة والزمان ان المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها الى منتهاها والزمان مدة مقسومة الى الماضى والحال والمستقبل والوقت الزمان المفروض لامر { للناس } اى لم يتعلق بهم من امور معاملاتهم ومصالحهم { والحج } واموره المتعلقة باوقات مخصوصة. فان قلت لما كانت الاهلة مواقيت يوقت بها الناس عامة مصالحهم علم منه كونها ميقاتا للحج لانه من جملة المصالح المتوقفة على الوقت فلم خصه بالذكر. قلت الخاص قد يذكر بعد العام للتنبيه على مزيته فالحج من حيث انه يراعى فى ادائه وقضائه الوقت المعلوم بخلاف سائر العبادات التى لا يعتبر فى قضائها وقت معين وحاصل الخطاب ان الهلال يبدو دائما ويظهر لكم على حسب مصلحتكم لقربه وبعده من الشمس كما بين فى فن الهيئة. قال فى التيسير ثم الشمس على حالة واحدة لانها ضياء للعام وقوام لمصالح الناس والقمر يتغير لان الله علق به ما قلنا من المواقيت وذلك يعرف بهذه الاختلافات ودبر عز وجل هذا التدبير لحاجة الناس الى ذلك انتهى { وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها } كان الانصار اذا احرم الرجل منهم بالحج او العمرة لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه فان كان من اهل المدر نقب نقبا فى ظهر بيته يدخل منه ويخرج او يتخذ سلما فيصعد منه وان كان من اهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ولا يدخل ولا يخرج من الباب حتى يحل من احرامه ويرون ذلك برا الا ان يكون من الحمس وهم قريش وسببه انهم ظنوا انه لا بد فى الاحرام من تغيير جميع العادات فغيروا عادتهم فى الدخول كما غيروا فى اللباس والتطيب وقالوا لا ندخل بيوتا من الابواب حتى ندخل بيت الله تعالى وكان منهم من لا يستظل بسقف بعد احرامه ولا يأقط الاقط ولا يجز الوبر وهذه اشياء وضعوها من عند نفوسهم من غير شرع فعرفهم الله تعالى ان هذا التشديد ليس ببر ولا قربة { ولكن البر } بر { من اتقى } المحارم والشهوات دون دخول البيت من ظهر.

السابقالتالي
2 3