الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ أياما معدودات } اى موقتات ومقدرات بعدد معلوم او قلائل فان القليل من المال يعد عدا والكثير يهال هيلا اى يصب صبا من غير كيل وعد فالله تعالى لم يفرض علينا صيام الدهر ولا صيام اكثره تخفيفا ورحمة وتسهيلا لامر التكليف على جميع الامم وانتصاب اياما بمضمر دل هو اى الصيام عليه اعنى صوموا اما على الظرفية او المفعولية اتساعا { فمن كان منكم مريضا } اى مرضا يضره الصوم او يضر معه { او على سفر } او راكب سفر وفيه ايماء بان من سافر فى اثناء اليوم لم يفطر لعدم استعلائه السفر استعلاء الراكب المركوب بل هو ملابس شيأ من السفر والرخصة انما اثبتت لمن كان على سفر وكلمة على فيها استعارة تبعية شبه تلبسه بالسفر باستعلاء الراكب واستيلائه على المركوب ينصرف فيه كيف يشاء وللدلالة على هذا المعنى عدل عن اسم الفاعل فلم يقل او مسافرا اذ ليس فيه اشارة بالاستيلاء على السفر { فعدة } اى فعليه صوم عدة ايام المرض والسفر فعدة من العد بمعنى المعدود ومنه يقال للجماعة المعدودة من الناس عدة { من ايام اخر } غير ايام مرضه وسفره ان افطر متتابعا او غير متتابع والمقصود من الآية بيان ان فرض الصوم فى الايام المعدودات انما يلزم الاصحاء المعتبرين واما من كان مريضا او مسافرا فله تأخير الصوم عن هذه الايام الى ايام اخر { وعلى الذين يطيقونه } ذهب اكثر المفسرين الى ان المراد بالذين يطيقونه الاصحاء المقيمون خيرهم فى ابتداء الاسلام بين امرين بين ان يصوموا وبين ان يفطروا ويفدوا لئلا يشق عليهم لانهم كانوا لم يتعودوا الصوم ثم نسخ التخيير ونزلت العزيمة بقولهفمن شهد منكم الشهر فليصمه } البقرة 185. فالمعنى اى وعلى المطيقين للصيام القادرين عليه إن افطروا { فدية } اى اعطاء فدية وهى { طعام مسكين } وهى نصف صاع من بر أو صاع من غيره والفدية فى معنى الجزاء وهو عبارة عن البدل القائم عن الشىء. وفى تفسير الشيخ يطيق من اطاق فلان اذا زالت طاقته والهمزة للسلب اى لا يقدرون على الصوم وهم الذين قدروا عليه فى حال الشباب ثم عجزوا عنه فى حال الكبر { فمن تطوع خيرا } اى من تبرع بخير فزاد فى الفدية او تطوع تطوعا خيرا { فهو } اى التطوع { خير له } وذكر فى الخير المتطوع ثلاثة اوجه. احدها ان يزيد على مسكين واحد فيطعم مكان كل يوم مسكينين او اكثر. وثانيها ان يطعم المسكين الواحد اكثر من القدر الواجب. وثالثها ان يصوم مع الفدية فهو خير كله { وان تصوموا } فى تأويل المصدر مرفوع بالابتداء اى صومكم ايها المرضى والمسافرون والذين يطيقونه { خير لكم } من الفدية { ان كنتم تعلمون } ما فى الصوم من الفضيلة وبراءة الذمة والجواب محذوف ثقة بظهوره اى اخترتموه.

السابقالتالي
2 3