الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ فمن } شرطية او موصولة { خاف } اى توقع وعلم فانه اذا علم خاف فهو من اطلق اسم اللازم على الملزوم { من موص } اى من الذى اوصى وهو يجوز ان يتعلق بخاف على انها لابتداء الغاية او بمحذوف على انها حال من جنفا قدمت عليه لانها فى الاصل صفة له فلما تقدمت نصبت حالا { جنفا } اى ميلا عن الحق بالخطأ فى الوصية { أو إثما } اى تعمدا للجنف يعنى اذا جهل الموصى موضع الوصية او زاد على مقدار الوصية او اوصى بما لا يجوز ايصاؤه { فأصلح } الظاهر ان المراد بالمصلح هو الوصى لانه اشد تعلقا بامر الوصية الا انه لا وجه لتخصيصه بالوصى بل ينبغى ان يدخل تحته كل من يتأتى منه رفع الفساد فى وصية الميت من الوالى والولى والوصى ومن يأمر بالمعروف والمفتى والقاضى والوارث { بينهم } اى بين الموصى لهم وهم الوالدان والاقربون فغير وصيته باجرائها على طريق التشرع { فلا إثم عليه } اى لا وزر على المغير فى هذا التبديل لانه تبديل باطل الى حق بخلاف الاول { إن الله غفور رحيم } وعد للمصلح بالاثابة وذكر المغفرة لمطابقة ذكر الاثم وكون الفعل من جنس ما يؤثم لان بعض التبديل وهو التبديل الى الباطل اثم وهذا من المشاكلة الصورية لا المعنوية لان التبديل الى خير ليس من جنس الاثم لكن صورته صورة ما يؤثم. واعلم ان الوصية مستحبة لحاجة الناس اليها فان الانسان مغرور بأمله اى يرجو الحياة مدة طويلة مقصر فى عمله فاذا عرض له المرض وخاف الهلاك يحتاج الى تدارك تقصيره بماله على وجه لو مات فيه يتحقق مقصده المالى ولو انهضه البرء يصرفه الى مطلبه الحالى. وفى الحديث " ان الله تصدق عليكم بثلث اموالكم فى آخر اعماركم زيادة لكم فى اعمالكم تضعونها حيث شئتمBR> ". ويوصى بفدية صلاته وصيامه لكل مكتوبة نصف صاع من الحنطة وكذا الوتر ولكل يوم من صوم رمضان ايضا نصف صاع من الحنطة وفى صوم النذر كذلك. قال فى تفسير الشيخ ومن كان عليه حج او كفارة اى شىء من الواجبات فالوصية واجبة والا فهو بالخيار وعليه الفتوى ويوصى بارضاء خصمائه وديونه ـ حكى ـ ان الامام الشافعى رحمه الله لما مرض مرض موته قال مروا فلانا يغسلنى فلما مات بلغ خبر موته اليه فحضر وقال ائتونى بتذكرته فأتى بها فنظر فيها فاذا على الشافعى سبعون الف درهم دينا فكتبها على نفسه وقضاها وقال هذا غسلى اياه واياه اراد. وفى الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من لم يوص لم يؤذن له فى الكلام مع الموتى " قيل يا رسول الله وهل تتكلم الموتى قال " نعم ويتزاورون ".

السابقالتالي
2