الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى ٱلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَٱلْعَبْدُ بِٱلْعَبْدِ وَٱلأُنثَىٰ بِٱلأُنْثَىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى } الخطاب لائمة المؤمنين اوجب الله تعالى على الامام وعلى من يجرى مجراه ويقوم مقامه اقامة القصاص والتقدير يا ايها الائمة فرض عليكم استيفاء القصاص ان اراد ولى الدم استيفاءه ويحتمل ان يكون الخطاب متوجها على القاتل والمعنى يا ايها القاتلون عمدا كتب عليكم تسليم انفسكم عند مطالبة الولى بالقصاص وذلك لان القاتل ليس له ان يمتنع عن القصاص لكونه حق العبد بخلاف الزانى والشارب فان لهما الهرب من الحدود لكون ما عليهما من الحق حق الله تعالى والقصاص ان يفعل بالانسان مثل ما فعل فهو عبارة عن التسوية والمماثلة فى الانفس والاطراف والجراحات. والقتلى جمع قتيل وفى للسبب اى بسبب قتل القتلى كما فى قوله عليه السلام " ان امرأة دخلت النار فى هرة ربطتهاBR> ". اى بسبب ربطها اياها وحسن الوقف فى قوله القتلى { الحر بالحر } مبتدأ وخبر اى الحر مأخوذ ومقتول بمثله { والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } سبب النزول انه كان بين حيين من احياء العرب دماء فى الجاهلية وكان لاحدهما طول على الآخر اى قوة وفضل فاقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد والذكر بالانثى والاثنين بالواحد فتحاكموا الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين جاء الله بالاسلام فنزلت وامرهم الله ان يتباروا اى يتساووا ويتعادلوا. وقوله الحر بالحر لا يفيد الحصر البتة بان لا يجرى القصاص الا بين الحرين وبين العبدين وبين الانثيين بل يفيد شرع القصاص فى القتلى بين المذكورين من غير ان يكون فيه دلالة على سائر الاقسام فان قوله تعالى { كتب عليكم القصاص فى القتلى } جملة مستقبلة بنفسها. وقوله الحر بالحر تخصيص لبعض جزئيات تلك الجملة بالذكر وتخصيص بعض جزئيات الجملة المستقلة بالذكر لا يمنع ثبوت الحكم لسائر الجزئيات بل ذلك التخصيص يمكن ان يكون لفائدة سوى نفى الحكم عن سائر الصور وهى ابطال ما كان عليه اهل الجاهلية من انهم كانوا يقتلون بالعبد منهم الحر من قبيلة القاتل بالعبد المقتول والانثى القاتلة بالانثى المقتولة وليس فيه نفى جريان القصاص بين الحر والعبد والذكر والانثى بل فيه منع عن التعدى الى غير القاتل انتهى كلامه. والثورى وابو حنيفة يقتلان الحر بالعبد والمؤمن بالكافر ويستدلان بعموم قوله تعالىوكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } المائدة 45. فان شريعة من قبلنا اذا قصت علينا فى القرآن من غير دلالة على نسخها فالعمل بها واجب على انها شريعة لنا وبما روى " المسلمون تتكافأ دماؤهمBR> ". وبأن التفاضل فى النفس غير معتبر بدليل قتل الجماعة بالواحد وبان القصاص يعتمد المساواة فى العصمة وهى بالدين او بالدار وهما سيان فيهما.

السابقالتالي
2