الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }

{ ليس البر } هو كل فعل مرضى يفضى بصاحبه الى الجنة { أن تولوا } اى ان تصرفوا يا اهل الكتابين { وجوهكم } فى الصلاة { قبل المشرق والمغرب } اى مقابلهما ظرف مكان لقوله تولوا والبر منصوب على انه خبر مقدم وان تولوا اسمها لكونه فى تأويل المصدر والمصدر المؤول اعرف من المحلى باللام وهو يشبه الضمير من حيث انه لا يوصف ولا يوصف به فالاولى ان يجعل الاعرف اسما وغير الاعرف خبرا وذلك ان اليهود والنصارى اكثروا الخوض فى امر القبلة حين حول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الى الكعبة وزعم كل واحد من الفريقين ان البر هو التوجه الى قبلته فرد عليهم وقيل ليس البر ما انتم عليه فانه منسوخ خارج من البر { ولكن البر } المعود الذى ينبغى ان يهتم بشأنه ويجد فى تحصيله { من } اى بر من على حذف المضاف لان اسم لكن من اسماء المعانى وخبرها من اسماء الاعيان فامتنع الحمل لذلك { آمن بالله } وحده ايمانا بريئا من شائبة الاشراك لا كايمان اليهود والنصارى المشركين بقولهم عزيز ابن الله وقولهم المسيح ابن الله وقدم الايمان بالله فى الذكر لانه اصل لجميع الكمالات العلمية والعملية { واليوم الآخر } اى بالبعث الذى فيه جزاء الاعمال على انه كائن لا محالة وعلى ما هو عليه لا كما يزعمون من انهم لا تمسهم النار الا اياما معدودة وان آباءهم الانبياء ويشفعون لهم فالبر هو التوجه الى المبدأ والمعاد اللذين هما المشرق والمغرب فى الحقيقة ولما كان الايمان باليوم الآخر متفرعا على الايمان بالله لانا ما لم نعلم باستحقاقه الالوهية وقدرته على جميع الممكنات لا يمكننا ان نعلم صحة الحشر والنشر وكان الايمان به محركا وداعيا الى الانقياد بالله فى جميع ما امر به ونهى عنه خوفا وطمعا ذكر الايمان به عقيب الايمان بالله { والملائكة } كلهم بانهم عباد الله ليسوا بذكور ولا اناث ولا بشر ولا اولاد مكرمون عنده متوسطون بينه وبين انبيائه بالقاء الوحى وانزال الكتب واليهود اخلو بذلك حيث اظهروا عداوة جبريل { والكتاب } اى بجنس الكتاب الالهى الذى من افراده الفرقان واليهود اخلو بذلك لانه مع قيام الدليل على ان القرآن كتاب الله تعالى ردوه ولم يقبلوه { والنبيين } جميعا بانهم المبعوثون الى خلقه والقائمون بحقه والصادقون عنه فى امره ونهيه ووعده ووعيده واخباره من غير تفرقة بين احد منهم واليهود اخلوا بذلك حيث قتلوا الانبياء وطعنوا فى نبوة محمد عليه السلام. واعلم ان الايمان بالملائكة والكتاب مؤخر عن الايمان بالنبيين الا انه قدم الايمان بهما فى الذكر رعاية للترتيب بحسب الوجود الخارجى ولم ينظر الى الترتيب فى العلم فان الملك يوجر اولا ثم يحصل بواسطته نزول الكتاب الى الرسل فتدعو الرسل الى ما فيها من الاحكام وهذا اى الايمان بالامور الخمسة المذكورة اصول الدين وقواعد العقائد { وآتى المال } اى الصدقة من ماله { على حبه } حال من الضمير فى آتى والضمير المجرور للمال اى آتاه كائنا على حب المال كما قال عليه السلام لما سئل أى الصدقة افضل قال

السابقالتالي
2 3 4