الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ }

{ إن الذين يكتمون } الآية نزلت فى رؤساء اليهود واحبارهم او فى كل من كتم شيأ من احكام الدين وهو الاقرب لان اللفظ عام وعموم الحكم لا يأبى خصوص السبب والكتم والكتمان ترك اظهار الشئ قصدا مع الحاجة اليه وحصول الداعى الى اظهاره وذلك قد يكون بمجرد ستره واخفائه وقد يكون بازالته ووضع شىء آخر فى موضعه وهو الذى فعه هؤلاء فى نعوت النبى صلى الله عليه وسلم وغيرها { ما انزلنا } حال كونه { من البينات } اى من الآيات الواضحة الدالة على امر محمد عليه السلام وعلى الرجم وتحويل القبلة الحرام والحلال { والهدى } اى والآيات الهادية الى كنه امره ووجوب اتباعه عليه السلام والايمان به { من } متعلق بيكتمون { بعدما بيناه } اى اوضحناه ولخصناه { للناس } جميعا لا الكاتمين فقط { فى الكتاب } اى التوراة وتبيينه لهم ايضاحه بحيث يتلقاه كل احد من غير ان يكون فيه شبهة. قال ابن الشيخ فى حواشيه فالمراد بالبينات ما انزل على الانبياء من الكتب والوحى دون ادلة العقل وان قوله والهدى يدخل فيه الدلائل العقلية والنقلية وقوله تعالى فى حق الهدى من بعد ما بيناه وما لخصناه فى الكتاب لا يقتضى اتحادهما وان يكون العطف لتغاير اللفظين لان كون ما بينّاه فى الكتاب كما يجوز ان يكون بطريق كونه من جملة التنزيل يجوز ان يكون بطريق كونه فائدة ملخصة اى مستفادة منه { اولئك } اى اهل هذه الصفة { يلعنهم الله } اى يطردهم ويبعدهم من رحمته بسبب كتمهم الحق { ويلعنهم اللاعنون } اى الذين يتأتى منهم اللعن اى الدعاء عليهم باللعن من الملائكة ومؤمنى الثقلين. وعن ابن مسعود رضى الله عنه ما تلاعن اثنان الا ارتفعت اللعنة بينهما فان استحقها احدهما والا رجعت على اليهود الذين كتموا صفة محمد عليه السلام او اللاعنون البهائم والهوام تلعن العصاة تقول اللهم العن عصاة بنى آدم فبشؤمهم منع عنا القطر.