الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ }

{ ووصى } لما كمل ابراهيم عليه السلام فى نفسه كمل غيره بالتوصية وهو تقديم ما فيه خير وصلاح من قول او فعل الى الغير على وجه التفضل والاحسان سواء كان امرا دينيا او دنيويا { بها } اى بالملة المذكورة فى قوله تعالىومن يرغب عن ملة إبراهيم } البقرة 130. { إبراهيم بنيه } اى اولاده الذكور الثمانية عند البعض اسماعيل وامه هاجر القبطية واسحق وامه سارة وستة امهم قنطورا بنت يقطن الكنعانية تزوجها ابراهيم بعد وفاة سارة وهم مدين ومداين وزمران ويقشان ويشبق ونوح { ويعقوب } رفع عطف على ابراهيم اى وصى يعقوب ايضا وهو ابن اسحق بن ابراهيم بنيه الاثنى عشر روميل وشمعون ولاوى ويهودا ويستسوخور وزبولون وزوانا ونفتونا وكوزا واوشير وبنيامين ويوسف. وسمى يعقوب لانه مع اخيه عيصو كانا توأمين فتقدم عيصو فى الخروج من بطن امه وخرج يعقوب على اثره آخذا بعقبه وذلك ان ام يعقوب حملت فى بطن واحد بولدين توأمين فلما تكامل عدة اشهر الحمل وجاء وقت الوضع تكلما فى بطنها وهى تسمع فقال احدهما للآخر طرق لى حتى اخرج قبلك وقال الآخر لئن خرجت قبلى لاشقن بطنها حتى اخرج من خصرها فقال الآخر اخرج قبلى ولا تقتل امى قال فخرج الاول فسمته عيصو لانه عصاها فى بطنها وخرج الثانى وقد امسك بعقبه فسمته يعقوب فنشأ عيصو بالغلظة والفظاظة صاحب صيد وقنص ويعقوب بالرحمة اللين صاحب زرع وماشية. وروى انهما ماتا فى يوم واحد ودفنا فى قبر واحد قيل عاش يعقوب مائة وسبعا واربعين سنة ومات بمصر واوصى ان يحمل الى الارض المقدسة ويدفن عند ابيه اسحق فحمله يوسف فدفنه عنده { يا بنى } على اضمار القول عند البصريين تقديره وصى وقال يا بنى وذلك لان يا بنى جملة والجملة لا تقع مفعولا الا لافعال القلوب او فعل القول عندهم { إن الله اصطفى لكم الدين } اى دين الاسلام الذى هو صفوة الاديان ولا دين عنده غيره { فلا تموتن } اى لا يصادفكم الموت { إلا وأنتم مسلمون } اى مخلصون بالتوحيد محسنون بربكم الظن وهذا نهى عن الموت فى الظاهر وفى الحقيقة عن ترك الاسلام لان الموت ليس فى ايديهم وذلك حين دخل يعقوب مصر فرأى اهلها يعبدون الاصنام فاوصى بنيه بان يثبتوا على الاسلام فان موتهم لا على حال الثبات على الاسلام موت لا خير فيه وانه ليس بموت السعداء وان من حق هذا الموت ان لا يحل فيهم وتخصيص الابناء بهذه الوصية مع انه معلوم من حال ابراهيم انه كان يدعو الكل ابدا الى الاسلام والدين وللدلالة على ان امر الاسلام اولى الامور بالاهتمام حيث وصى به اقرب الناس اليه واحراهم بالشفقة والمحبة وارادة الخير مع ان صلاح ابنائه سبب لصلاح العامة لان المتبوع اذا صلح فى جميع احواله صلح التابع.

السابقالتالي
2