الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

{ بديع السموات والارض } اى هو مبدعهما على ان البديع بمعنى المبدع وهو الذى يبدع الاشياء اى يحدثها او ينشئها على غير مثال سبق والابداع اختراع الشئ لا عن شئ دفعة اى من غير مادة ومدة وسمى صاحب الهوى مبتدعا لما لم يسبقه احد من ارباب الشرع فى انشاء مثل ما فعله او المعنى بديع سمواته وارضه فعلى الاول من ابدع والاضافة معنوية وعلى الثانى من بدع اذا كان على شكل فائق وحسن رائق والاضافة لفظية وهو حجة اخرى لابطال مقالتهم الشنعاء تقريرها ان الوالد عنصر الولد المنفعل بانفصال مادته عنه والله تعالى مبدع الاشياء كلها على الاطلاق منزه عن الانفعال فلا يكون والدا ومن قدر على خلق السموات والارض من غير شئ كيف لا يقدر على خلق عيسى من غير اب { واذا قضى امرا } اى اراد شيأ واصل القضاء الاحكام اطلق على ارادة الآلهية المتعلقة بوجود الشئ لايجابها اياه البتة { فانما يقول له كن فيكون } اى يحصل فى الوجود سريعا من غير توقف ولا اباء كلاهما من كان التامة اى احدث فيحدث. واعلم ان اهل السنة لا يرون تعلق وجود الاشياء بهذا الامر وهو كن بل وجودها متعلق بخلقه وايجاده وتكوينه وهو صفة ازلية وهذا الكلام عبارة عن سرعة حصول المخلوق بايجاده وكمال قدرته على ذلك لكن لا يتعلق علم احد بكيفية تعلق القدرة بالمعدومات فيجب الامساك عن بحثها وكذا عن بحث كيفية وجود البارى وكيفية العذاب بعد الموت وامثالها فانها من الغوامض. ثم اعلم ان السبب فى هذه الضلالة وهى نسبة الولد الى الله والقول بانه اتخذ ولدا ان ارباب الشرائع المتقدمة كانوا يطلقون على البارى تعالى اسم الاب وعلى الكبير منهم اسم الاله حتى قالوا ان الاب هو الرب الاصغر وان الله تعالى هو الاب الاكبر وكانوا يريدون بذلك انه تعالى هو السبب الاول فى وجود الانسان وان الاب هو السبب الاخير فى وجوده فان الاب هو معبود الابن من وجه اى مخدومه ثم ظنت الجهلة منهم ان المراد به معنى الولادة الطبيعية فاعتقدوا ذلك تقليدا ولذلك كفر قائله ومنع منه مطلقا اى سواء قصد به معنى السببية او معنى الولادة الطبيعية حسما لمادة الفساد واتخاذ الحبيب او الخليل جائز من الله تعالى لان المحبة تقع على غير جوهر المحب. قالوا اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ولدتك وانت نبى فخفف النصارى التشديد الذى فى ولدتك لانه من التوليد وصحفوا بعض اعجام النبى بتقديم الباء على النون فقالوا ولدتك وانت بنيي تعالى الله عما يقول الظالمون وقال تعالى يا احبارى ويا ابناء رسلى فغيره اليهود وقالوا يا احبائى ويا ابنائى فكذبهم الله بقوله

السابقالتالي
2