الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }

{ وقالوا } نزلت لما قالت اليهود عزير ابن الله والنصارى المسيح ابن الله ومشركوا العرب الملائكة بنات الله فضمير قالوا راجع الى الفرق الثلاث المذكورة سابقا اما اليهود والنصارى فقد ذكروا صريحا واما المشركون فقد ذكروا بقوله تعالىكذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم } البقرة 113 اى قال اليهود والنصارى وما شاركهم فيما قالوا من الذين لا يعلمون { اتخذ الله ولدا } الاتخاذ بمعنى الصنع والعمل فلا يتعدى الا الى واحد واما بمعنى التصيير والمفعول الاول محذوف اى صير بعض مخلوقاته ولدا وادعى انه ولده لا انه ولده حقيقة وكما يستحيل عليه تعالى ان يلد حقيقة كذا يستحيل عليه تعالى التبنى واتخاذ الولد فنزه الله تعالى نفسه عما قالوا فى حقه فقال { سبحانه } تنزيهه والاصل سبحه سبحانا على انه مصدر بمعنى التسبيح وهو التنزيه اى منزه عن السبب المقتضى للولد وهو الاحتياج الى من يعينه فى حياته ويقوم مقامه بعد مماته وعما يقتضيه الولد وهو التشبيه فان الولد لا يكون الا من جنس والده فكيف يكون للحق سبحانه ولد وهو لا يشبهه شئ قال فى المثنوى
لم يلد لم يولداست او از قدم نى بدر دارد نه فرزند و نه عم   
{ بل له ما فى السموات والارض } رد لما قالوه واستدلال على فساده فان الاضراب عن قول المبطلين معناه الرد والانكار. وفى الوسيط بل اى ليس الامر كما زعموا والمعنى انه خالق ما فى السموات والارض جميعا الذى يدخل فيه الملائكة وعزير والمسيح دخولا اوليا فكان المستفاد من الدليل امتناع ان يكون شئ ما مما فى السموات والارض ولدا سواء كان ذلك ما زعموا انه ولد له ام لا { كل } اى كل ما فيهما كائنا ما كان من اولى العلم وغيرهم { له } اى لله سبحانه وتعالى { قانتون } منقادون لا يمتنع شئ منهم على مشيئته وتكوينه وكل ما كان بهذه الصفة لم يجانس مكونه الواجب لذاته فلا يكون له ولد لانه من حق الولد ان يجانس والده وانما عبر عن جميع الموجودات اولا بما يعبر به عن غير ذوى العلم وعبر عنه آخر بما يختص بالعقلاء وهو لفظ قانتون تحقيرا لشأن العقلاء الذين جعلوه ولدا لله سبحانه.