الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ بلى } اعلم ان قولهم لن يدخل الجنة الخ مشتمل على ايجاب ونفى اما الايجاب فهو ان يدخل الجنة اليهود والنصارى واما النفى فهو ان لا يدخل الجنة غيرهم فقوله بلى اثبات لما نفوه فى كلامهم فكأنهم قالوا لا يدخل الجنة غيرنا فاجيبوا بقوله بلى يدخل الجنة غيركم وليس الامر كما تزعمون { من اسلم وجهه لله } اى اخلص نفسه له تعالى لا يشرك به شيأ فان اسلام شئ لشئ جعله سالما له بان لا يكون لاحد حق فيه لا من حيث التخليق والمالكية ولا من حيث استحقاق العبادة والتعظيم عبر عنها بالوجه لكونه اشرف الاعضاء من حيث انه معدن الحواس والفكر والتخيل فهو مجاز من باب ذكر الجزء وارادة الكل ومنه قولهم كرم الله وجهك ويحتمل ان يكون اخلاص الوجه كناية عن اخلاص الذات لان من جاد بوجهه لا يبخل بشئ من جوارحه ويكون الوجه بمعنى العضو المخصوص { وهو محسن } حال من ضمير اسلم اى وهو مع اخلاصه وتسليم النفس الى الله بالكلية بالخضوع والانقياد محسن فى جميع اعماله بان يعملها على وجهة يستصوبها فان اخلاصها لله لا يستلزم كونها مستحسنة بحسب الشرع وحقيقة الاحسان والاتيان بالعمل على الوجه اللائق وهو حسنه الوصفى التابع لحسنه الذاتى وقد فسره صلى الله عليه وسلم بقوله " ان تعبد الله كأنك تراه وان لم تكن تراه فانه يراك ". وهذا المعنى حقيقة الايمان وظاهره الاحسان واما باطنه فمرتبة كنت سمعه وبصره التى هى نتيجة قرب النوافل وهو كون ذات الحق ووجوده مرآة لصفات العبد ومظهرا لاحواله واما قرب الفرائض فهو المصرح فى قوله قال الله تعالى على لسان عبده سمع الله لمن حمده وهو كون صفات العبد واحواله مرآة لذات الحق ومظهرا لوجوده وباعتبار قرب النوافل كان الظاهر والمرئى والمشهود هو العبد وباعتبار قرب الفرائض هو الحق { فله اجره } ثوابه الذى وعد له على عمله وهو عبارة عن دخول الجنة وتصويره بصورة الأجر للايذان بقوة ارتباطه بالعمل واستحالة نيله بدونه عند ربه اى حال كونه ذلك الاجر ثابتا عند مالكه ومدبر اموره ومبلغه الى كماله لا يضيع ولا ينقص والعندية للتشريف والجملة جواب من ان كانت شرطية وخبرها ان كانت موصولة والفاء لتضمنها معنى الشرط { ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } فى الآخرة عند دخول الجنة كما قال تعالى خبرا عن اهل الجنةالحمد لله الذى أذهب عنا الحزن } فاطر 34. واما فى الدنيا فانهم يخافون من ان يصيبوا الشدائد والاهوال العظام قدامهم ويحزنون على ما فاتهم من الاعمال الصالحة والطاعات المؤدية الى الفوز بانواع السعادات فان المؤمن كما لا يقنط من رحمة الله لا يأمن من غضبه وعقابه كما قيل لا يجتمع خوفان ولا امنان فمن خاف فى الدنيا امن فى الآخرة حين يخاف الكفار من العقاب ويحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب فان الخوف انما يكون مما يتوقع فى المستقبل كما ان الحزن انما يكون على ما وقع سابقا ومن أمن فى الدنيا خاف فى الآخرة قال فى المثنوى
لا تخافوا هست نزل خائفان هست درخور از براى خائف آن هركه ترسد مرورا ايمن كنند مردل ترسنده را ساكن كنند آنكه خوفش نيست جون كويى مترس درس جه دهى نيست اومحتاج درس