الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً }

{ وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } اى كل واحد منهم آت اياه تعالى منفردا من الاتباع والانصار فلا يجانسه شئ من ذلك ليتخذه ولدا ولا يناسبه ليشرك به وفى الحديث القدسى " كذبنى ابن آدم " اى نسبنى الى الكذب ولم يكن له ذلك يعنى لم يكن التكذيب لائقا به بل كان خطأ " وشتمنى " الشتم وصف الغير بما فيه نقص وازراء " ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه اياى فقوله لن يعيدنى كما بدأنى " يعنى لن يحيينى الله بعد موتى كما خلقنى وليس اول الخلق باهون علىّ اى باسهل والخلق بمعنى المخلوق من اعادته اى من اعادة المخلوق بل اعادته اسهل لوجود اصل البنية. اعلم ان هذا مذكور على طريق التمثيل لان الاعادة بالنسبة الى قوانا ايسر من الانسان واما بالنسبة الى قدرة الله تعالى فلا سهولة فى شئ ولا صعوبة " واما شتمه اياى فقوله اتخذ الله ولدا " وانما صار هذا شتما لان التولد هو انفصال الجزء عن الكل بحيث ينمو وهذا انما يكون فى المركب وكل مركب محتاج الى المؤلف او لان الحكمة فى التولد استحفاظ النوع عند فناء الآباء تعالى الله عما لا يليق. فان قلت قوله " اتخذ الله " تكذيب ايضا لانه تعالى اخبر ان لا ولد له وقوله " لن يعيدنى " شتم ايضا لانه نسبة له الى العجز فلم خص احدهما بالشتم والآخر بالتكذيب. قلت نفى الاعادة نفى صفة كمال واتخاذ الولد اثبات صفة نقصان له والشتم افحش من التكذيب ولذلك نفاه الله عنه بابلغ الوجوه فقال " وانا الاحد " اى المتفرد بصفات الكمال من البقاء والتنزه وغيرهما الواو فيه للحال " الصمد " بمعنى الصمود يعنى المقصود اليه فى كل الحوايج " الذى لم يلد " هذا نفى للتشبيه والمجانسة " ولم يولد " هذا وصف بالقدم والاولية " ولم يكن له كفوا أحد " هذا تقرير لما قبله. فان قلت لا يلزم من نفى الكفو فى الماضى نفيه فى الحال والاستقبال. قلت يلزم لانه اذا لم يكن فى الماضى فوجد يكون حادثا والحادث لا يكون كفوا للقديم كذا فى شرح المشارق لابن ملك فاذا ثبت ان الالوهية والربوبية لله تعالى وانه لا يجانسة ولا يشاركه شئ من الملخوقات ثبتت العبودية والمربوبية للعبد وان من شأنه ان لا يعبد شيئا من الاجسام والارواح ولا يتقيد بشئ من العلويات والسفليات بل يخص عبادته بالله تعالى ويجرد توحيده عن هواه. قال على رضى الله عنه قيل للنبى عليه السلام هل عبدت وثنا قط قال لا قيل هل شرب خمرا قط قال لا وما زلت اعرف ان الذى هم الكفار عليه كفر وما كنت ادرى ما الكتاب ولا الايمان فهذا من آثار حسن الاستعداد حيث استغنى عن البرهان بقاطع العقل فليتبع العاقل اثر متبوعه المصطفى عليه السلام وقد لاح المنار واستبان النور من النار فالنور هو التوحيد والاقرار والنار هو الشرك والانكار والتوحيد اذا تجلى بحقائقه ظهر التجريد وهو اذا حصل بمعانيه ثبت التفريد فالفردانية صفة السر الاعلى وهى حاصلة للعارفين فى هذه الدار ولغيرهم يوم القيامة وما فى هذه الدار اختيارى مقبول وما فى الآخرة اضطرارى مردود فيا ارباب الشرك اين التوحيد ويا اهل التوحيد اين التجريد ويا اصحاب التجريد اين التفريد { وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } وقيد قيل قيامة العارفين دائمة قال الصائب.

السابقالتالي
2