الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

{ ثم ننجى الذين اتقوا } بس نجات دهيم آنانرا كه برهيز كردند ازشرك يعنى بيرون آريم ازدوزخ احال الورود الى الوارد واحال النجاة الى نفسه تعالى. ففيه اشارة الى ان كل وارد يرد بقدم الطبيعة فى هاوية الهوى ان شاء وان ابى ولو خلى الى طبيعته لا ينجو منها ابدا ولكن ما نجا من نجا الا بانجاء الله تعالى اياه { ونذر } نترك { الظالمين } لانفسهم بالكفر والمعاصى { فيها } فى جهنم { جثيا } بزانو در آمد كان } وهو اشارة الى هوانهم وتقاعدهم عن الحركة الى الجنة مع الناجين. وفى تفسير الجلالين جثيا اى جميعا انتهى. اعلم ان الوعيدية وهم المعتزلة قالوا ان من دخلها لا يخرج منها وقالت المرجئة لا يدخلها مؤمن قط وقالوا ان الورود ههنا هو الحضور لا الدخول فاما اهل السنة فقالوا يجوز ان يعاقب الله العصاة من المؤمنين بالنار ثم يخرجهم منها. وقالوا معنى الورود الدخول كقوله تعالىفاوردهم النار } وقال تعالىحصب جهنم انتم لها واردون } وبدليل قوله تعالىثم ننجى الذين اتقوا } والنجاة انما تكون بعد الدخول فيها كقوله تعالىفنجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين } فان قلت كيف يدخلونها والله تعالى يقولاولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها } قلت المراد به الابعاد عن عذابها. قال فى الاسئلة المقحمة يجوز ان يدخلوها ولا يسمعوا حسيسها لان الله تعالى يجعلها عليهم بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام فالمؤمنون يمرون بجهنم وهى برد وسلام والكافرون وهى نار كما ان الكوز الواحد كان يشربه القبطى فيصير دما والاسرائيلى فيكون ماء عذبا
مؤمن فسون جه داند برآتشش بخواند سوزش درو نماند كردد جونور روشن   
وفى الحديث " جز يا مؤمن فان نورك قد اطفأ لهبى " وفى المثنوى
كويدش بكذر سبك اى محتشم ورنه آتشهاى تومرد آتشم   
فان قلت اذا لم يكن فى دخول المؤمنين عذاب فما الفائدة فيه. قلت وجوه. الاول ان يزيدهم سرور اذا علموا الخلاص منه. والثانى يزيد غم اهل النار لظهور فضيحتهم عند المؤمنين والاولياء الذين كانوا يخوفونهم بالنار. والثالث يرون اعداءهم المؤمنين قد تخلصوا منها وهم يبقون فيها. والرابع ان المؤمنين اذا كانوا معهم فيها بكتوهم فيزداد غمهم. والخامس ان مشاهدة عذابهم توجب مزيد التذاذهم بنعيم الجنة. يقول الفقير لا شك عند اهل المعرفة ان جهنم صورة النفس الامارة ففى الدنيا يرد كل من الانبياء والاولياء والمؤمنين والكافرين هاوية الهوى بقدم الطبيعة لكن الانبياء لكون نفوسهم من المطمئنة يجدونها خامدة واما الاولياء فيردون عليها وهى ملتهبه ثم يجهدون الى ان يطفئوها بنور الهدى ويلتحق بهم بعض المؤمنين وهم المعفو عنهم ولا يمر هؤلاء الطوائف الجليلة بالنار فى الآخرة فلا يحترقون بها اصلا واما الكفار فلما كان كفرهم كبريت الهوى فى الدنيا فلا جرم يدخلون النار فى الآخرة وهى ملتهبة فيبقون هناك محترقين مخلدين ويلتحق بهم بعض العصاة وهم المعذبون لكنهم يخرجون منها بسبب نور تقواهم عن الشرك.

السابقالتالي
2