الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }

{ تلك } اشارة الى الجنة المذكورة المتقدمة يريد تلك التى بلغك وصفها وسمعت بذكرها { الجنة } قال فى الارشاد مبتدأ وخبر جيى به لتعظيم شأن الجنة وتعيين اهلها ويجوز ان يكون الجنة صفة للمبتدأ الذى هو اسم الاشارة وخبره قوله { التى نورث } اى نورثها ونعطيها بغير اختيار الوارث { من عبادنا من كان تقيا } مجتنبا عن الشرك والمعاصى مطيعا لله اى نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به. قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال نورث والميراث ما انتقل من شخص الى شخص والجواب ان هذا على وجه التشبيه اراد ان الاعمال سبب لها كالنسب ملك بلا كسب ولا تكلف وكذا الجنة عطاء من الله ورحمة منه خلافا للقدرية انتهى. والوراثة اقوى ما يستعمل فى التملك والاستحقاق من حيث انها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا ابطال والا اسقاط. قال فى الاشباه لو قال الوارث تركت حقى بطل حقه انتهى. وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن التى كانت لاهل النار لو آمنوا واطاعوا زيادة فى كرامتهم. قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة اعلم ان الجنات ثلاث. الاولى جنة اختصاص الهى وهى ألتى يدخلها الاطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحدهم من اول ما يولد الى ان يستهل صارخا الى انقضاء ستة اعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء ومن اهلها المجانين الذين ما عقلوا ومن اهلها اهل التوحيد العلمى من اهلها اهل الفترات ومن لم تصل اليهم دعوة رسول. والجنة الثانية جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا من المؤمنين وهى الاماكن التى كان معينة لاهل النار لو دخلوها. والجنة الثالثة جنة الاعمال وهى التى ينزل الناس فيها باعمالهم فمن كان افضل من غيره فى وجوه التفاضل كان له من الجنة اكثر سواء كان الفاضل بهذه الحال دون المفضول او لم يكن فما من عمل الا وله جنة يقع التفاضل فيها بين اصحابها ورد فى الحديث الصحيح عن النبى عليه السلام انه قال لبلال " يا بلال بما سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك امامى " فقال يا رسول الله ما احدثت قط الا توضأت وما توضأت الا صليت ركعتين فقال رسول الله عليه السلام " بهما " فعلمنا انها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه الا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد اعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما ينبغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اهل الطاعة.