الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً }

{ قالت } استبعادا ظاهرا اى متعجبة من حيث العادة لا مستبعدة من حيث القدرة { أنى يكون لى } جكونه بودمرا { غلام } كما وصف { ولم يمسسنى بشر } اى والحال انه لم يباشرنى بالنكاح رجل فان المس كناية عن الوطئ الحلال اما الزنى فانما يقال خبث بها او فجر او زنى وانما قيل بشر مبالغة فى بيان تنزهها عن مبادى الولادة { و } الحال انه { لم أك بغيا } فعول بمعنى الفاعل اصله بغويا. قال الشيخ فى تفسيره ولم يقل بغية لانه وصف غالب على المؤنث كحائض اى فاجرة تبغى الرجال. وبالفارسية زنا كار وجوينده فجور يريد نفى الوطئ مطلقا وان الولد اما من النكاح الحلال او الحرام اما الحلال فلانها لم يمسها بشر واما الحرام فلانها لم تك بغيا فاذا انتفى السببان جميعا انتفى الولد. وفى التأويلات النجمية { ولم يمسسنى بشر } قبل هذا { ولم اك بغيا } ليمسسنى بشر بعد هذا بالزنى او بانكاح لانى محررة محرم على الزوج { قال كذلك } اى الامر كما قلت. وبالفارسية يعنى جين است كه توميكوبى هيج كس بنكاح وسفاح ترامس نكرده است فاما { قال ربك } الذى ارسلنى اليك { هو } اى ما ذكرت من هبة الغلام من غير ان يمسك بشر اصلا { على } خاصة { هين } يسير وان كان مستحيلا عادة لما انى لا احتاج الى الاسباب والوسائط. وفى التأويلات النجمية { قال كذلك } الذى تقولين ولكن { قال ربك هو على هين } ان اخلق ولدا من غير ماء منىّ والد فانى اخلقه من نور كلمة كن كما قال تعالىان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } { ولنجعله } اى ونفعل ذلك لنجعل وهب الغلام { آية للناس } وبرهانا يستدلون بها على كمال قدرتنا فالواو اعتراضية او لنبين به عظم قدرتنا ولنجعله الخ. وفى التأويلات النجمية { آية } اى دلالة على قدرتى بانى قادر على ان اخلق ولدا من غير اب كما انى خلقت آدم من غير اب وام وخلقت حواء من غير ام { ورحمة } عظيمة كائنة { منا } عليهم يهتدون بهدايته ويسترشدون بارشاده وبين قوله { ورحمة منا } وقولهيدخل من يشاء فى رحمته } فرق عظيم وهو انه تعالى اذا ادخل عبدا فى رحمته يرحمه ويدخله الجنة ومن جعله رحمة منه يجعله متصف بصفة وكذا بيّن قوله { رحمة منا } وقوله فى حق نبينا عليه السلاموما ارسلناك الا رحمة للعالمين } ابدا اما فى الدنيا فبان لا ينسخ دينه واما فى الآخرة فبان يكون الخلق محتاجين الى شفاعته حتى ابراهيم عليه السلام فافهم جدا كذا فى التأويلات النجمية { وكان } خلقه بلا فحل { امرا مقضيا } قضيت به فى سابق علمى وحكمت بوقوعه لا محالة فيمتنع خلافه فلا فائدة فى الحزن وهو معنى قوله " من عرف سر الله فى القدر هانت عليه المصائب ".

السابقالتالي
2