الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً }

{ فاتخذت من دونهم } اى ارخت من ادنى مكان اهلها. قال الكاشفى از بيش ايشان يعنى ازسوى ايشان { حجابا } سترا تتستر به. قال الكاشفى برده كه مانع باشد ازديدن فبينما هى فى مغتسلها وقد تطهرت ولبست ثوبها اتاها الملك فى صورة آدمى شاب امرد وضيئ الوجه جعد الشعر وذلك قوله تعالى { فارسلنا اليها روحنا } اى جبريل فانه كان روحانيا فاطلق عليه الروح للطافته مثله ولان الدين يحيى به. وقال بعض الكبار جبرائيل هو الروح حقيقة باعتبار حقيقته المجردة مجازا باعتبار صورته المثالية من خصائص الارواح المجردة التى من صفاتها الذاتية الحياة ومن شأنها التمثل بالصور المثالية لانها لا تمس شيئا فى حال تمثلها الا حى ذلك الشئ وسرت منه الحياة فيه ولذا قبض السامرى قبضة تراب من اثر براق جبرائيل فنبذها فى صورة العجل المتخذة من حلى القوم فخار العجل بسراية الحياة فيه وقيل سماه روحا مجازا محبة له وتقريبا كقولك انت روحى لمن تحب { فتمثل لها } بس متمثل شد جبريل براى مريم يعنى فتشبه لاجلها فانتصاب قوله { بشرا } على انه مفعول به { سويا } تام الخلق كامل البنية لم يفقد من حسان نعوت الآدمية شيئا وذلك لتستأنس بكلامه وتتلقى منه ما يلقى اليها من كلماته تعالى اذ لو بدا لها على الصورة الملكية لنفرت منه ولم تستطع استماع كلامه ولانه جاء للنفخ المنتج للبشر فتمثل بشرا ولو جاء على صورة الملك لجاء عيسى على صورة الروحانيين كما لا يخفى. وفيه اشارة الى ان القربان بعد الطهر التام اطهر والولد اذن انجب فافهم. وفى التأويلات الروح هو نور كلمة الله التى يعبر عنها بقوله كن وانما سمى نور كلمته روحا لانه به يحيى القلوب الميتة كما قالأومن كان ميتا فاحييناه } الآية فتارة يعبر عن الروح بالنور وتارة يعبر عن النور بالروح كقولهوكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا } الآية فارسل الله الى مريم نور كلمة كن فتمثل لها بشرا سويا كما تمثل نور التوحيد بحروف لا اله الا الله والذى يدل على ان عيسى من نور الكلمة قوله تعالىوكلمته القاها الى مريم وروح منه } اى نور من لقائه فلما تمثلت الكلمة بالبشر انكرتها مريم ولم تعرفها فاستعاذت بالله منه.