{ فخرج } صبيحة حمل امرأته { على قومه من المحراب } من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا اذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا { فاوحى اليهم } اى اومأ اليهم لقوله تعالى{ الا رمزا } { ان سبحوا } ان اما مفسرة لا وحى او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا { بكرة } هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى { وعشيا } هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح. عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الارشاد. يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شئ قدير وقد ورد فى الاذكار لكل اعجوبة سبحان الله. وفى التأويلات النجمية فى قوله { يا زكريا } الى { بكرة وعشيا } اشارة الى بشارات. منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه. ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاج الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبى عليه السلام وفى قوله{ لم نجعل له من قبل سميا } اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى احد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال{ ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه احمد } وفى قوله{ قال رب أنى يكون لى غلام } الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الوالدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشئ من الشئ كقوله{ وما خلق الله من شئ } ومن القدرة انه تعالى يخلق الشئ من لا شئ فقال{ أنى يكون لى غلام } اى أمن السنة ام من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله{ قال كذلك } اى الامر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله{ قال ربك هو على هين } اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت ارد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شئ بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيئا اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شئ بامركن ولهذا قال تعالى{ قل الروح من امر ربى } وهو اول مقدور تعلقت القدرة به وفى المثنوى