الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ واما الجدار } المعهود { فكان لغلامين يتيمين } اسمهما اصرم وصريم ابنا كاشح وكان سياحا تقيا واسم امهما دنيا فيما ذكره النقاش { فى المدينة } فى القرية المذكورة فيما سبق وهى انطاكية { وكان تحته } اى تحت الجدار { كنز لهما } كنجى براى ايشان هو فى الاصل مال دفنه انسان فى ارض وكنزه يكنزه اى دفنه اى مال مدفون لهما من ذهب وفضة روى ذلك مرفوعا وهو الظاهر لاطلاق الذم على كنزهما فى قوله تعالىوالذين يكنزون الذهب والفضة } لا يؤدى زكاتهما وما تعلق بهما من الحقوق. وقيل كان لوحا من ذهب او من رخام مكتوب فيه " بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن يؤمن بالقدر " اى ان الامور كائنة بقضاء الله تعالى وتقديره " كيف يحزن " اى على فوات نعمة واتيان شدة " وعجبت لمن يؤمن بالرزق " اى ان الرزق مقسوم والله تعالى رازق كل احد " كيف ينصب " اى يتعب فى تحصيله " وعجبت لمن يؤمن بالموت " اى انه سيموت وهو حق " كيف يفرح " اى بحياته القليلة القصيرة " وعجبت لمن يؤمن بالحساب " اى ان الله تعالى يحاسب على كل قليل وكثير " كيف يغفل " اى عن ذلك ويشغل بتكثير متاع الدنيا " وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها باهلها كيف يطمئن اليها لا اله الا الله محمد رسول الله وعجبت لمن يؤمن بالنار كيف يضحك " وفىالجانب الآخر مكتوب " انا الله لا اله الا انا وحدى لا شريك لى خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير واجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر واجريته على يديه " وهو قول الجمهور كما فى بحر العلوم { وكان ابوهما صالحا } كان الناس يضعون الودائع عند ذلك الصالح فيردها اليهم سالمة فحفظنا بصلاح ابيهما فى مالهما وانفسهما. قال جعفر بن محمد كان بينهما وبين الاب الصالح سبعة آباء فيكون الذى دفن ذلك الكنز جدهما السابع { فاراد ربك } بالامر بتسوية الجدار { ان يبلغا اشدهما } اى حلمهما وكمال رأيهما. قال فى بحر العلوم الاشد فى معنى القوة جمع شدة كانعم فى نعمة على تقدير حذف الهاء وقيل لا واحد له وبلوغ الاشد بالادراك وقيل ان يونس منه الرشد مع ان يكون بالغا وآخره ثلاث وثلاثون سنة او ثمانى عشرة وانما قال الخضر فى تأويل خرق السفينةفاردت ان اعيبها } بالاسناد الى نفسه لظاهر القبح وفى تأويل قتل الغلامخشينا } بلفظ الخشية والاسناد الى نا لان الكفر مما يجب ان يخشاه كل احد وقال فى تأويل الجدار { فاراد ربك ان يبلغا اشدهما } بالاسناد الى الله تعالى وحده لان بلوغ الاشد وتكامل السن ليس الا بمحض ارادة الله تعالى من غير مدخل واثر لارادة العبد فالاول فى نفسه شر قبيح والثالث خير محض والثانى ممتزج.

السابقالتالي
2 3 4