الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً }

{ قال له موسى } استئناف مبنى على سؤال نشأ من السياق كأنه قيل فماذا جرى بينهما من الكلام فقيل قال له موسى اى للخضر عليهما السلام { هل اتبعك } اصحبك { على ان تعلمن } على شرط ان تعلمن وهو فى موضع الحال من الكاف وهو استئذان منه فى اتباعه له على وجه التعليم ويكفيك دليلا فى شرف الاتباع { مما علمت رشدا } اى علما ذا رشد ارشد به فى دينى والرشد اصابة الخير. قال الكاشفى علمى كه مبنى بررشد باشد يعنى اصابة خير ولقد راعى فى سوق الكلام غاية التواضع معه فينبغى للمرء ان يتواضع لمن هو اعلم منه. قال الامام والآية تدل على ان موسى راعى انواع الادب جعل نفسه تبعا له فقال { هل اتبعك } واستأذن فى اثبات هذه التبعية واقر على نفسه بالجهل وعلى استاذه بالعلم فى قوله { على ان تعلمن } ومن فى قوله { مما علمت } للتبعيض اى لا اطلب مساواتك فى العلوم وانما اريد بعضا من علومك كالفقير يطلب من الغنى جزأ من ماله وقوله { مما علمت } اعتراف بانه اخعذ من الله وقوله { رشدا } طلب للراشاد اى مالولاه لضل وهذا يدل على انه طلب ان يعامله بمثل ما عامله الله به اى ينعم بالتعليم كما انعم الله عليه فان البذل من لاشكر قال الحافظ
اى صاحب كرامت شكرانه سلامت روزى تفقدى كن درويش بى نوارا   
قال قتادة لو كان احد مكتفيا من العلم لا كتفى نجى الله موسى ولكنه قال { هل اتبعك } الآية. وقال الزجاج وفيما فعل موسى وهو من اجلة الانبياء من طلب العلم والرحلة فى ذلك ما يدل على انه لا ينبغى لاحد ان يترك طلب العلم وان كان قد بلغ نهايته ولذا ورد اطلبوا العلم من المهد الى اللحد وفى المثنوى
خام ملك سليمانست علم جمله عالم صورت وجانست علم   
قال العلماء ولا ينافى نبوة موسى وكونه صاحب شريعة ان يتعلم من نبى آخر مالا يتعلق له باحكام شريعته من اسرار العلوم الخفية وقد امر الله باخذ العلم منه فلا دلالة له. قال شيخى وسندى روح الله روحه تعليم موسى وتربيته بالخضر انما هو من قبيل تعليم الا كمل وتربيته بالكامل لانه تعالى قد يطلع الكامل على اسرار يخفيها عن الاكمل واذا اراد ان يطلع الا كمل عليه ايضا فقد يطلعه بالذات وقد يطلعه بواسطة الكامل ولا يلزم من توسط الكامل ان يكون اكمل من الا كمل او مثله والكامل كامل مطلقا والا كمل اكمل مطلقا والرجحان للاكمل جدا ولا تسمع الى غير ذلك مما يقول الضالون وقول الخضر لموسى عليه السلام يا موسى انت على علم علمك الله وانا على علم علمنى الله انما هو بناء على الامتياز المعتبر بينهما بحسب الغالب فى نشأة كل منهما والا فالعلم الظاهر والباطن حاصلان فى نشأة كل منهما انتهى وفهم منه جواب ما سبق من قوله ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك فان المراد اثبات اعلميته فى علم من العلوم الخاصة دون سائرها وقد انعقد الاجماع على ان نبينا عليه السلام اعلم الخلق وافضلهم على الاطلاق وقد قال

السابقالتالي
2