الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }

{ واذ قلنا للملائكة } اى اذ كر وقت قولنا لهم { اسجدوا لآدم } سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة وكان ذلك مشروعا فى الامم السالفة ثم نسخ بالسلام { فسجدوا } جميعا غير الارواح العالية امتثالا للامر وانما لم يسجد الملائكة العالون لأنهم لم يؤمروا بالسجود وقد سبق فى سورة الحجر { الا ابليس } فانه لم يسجد بل ابى واستكبر وكأنه قيل ما باله لم يسجد فقيل { كان من الجن } اى كان اصله جنيا خلق من نار السموم ولم يكن من الملائكة وانما صح الاستثناء المتصل لانه امر بالسجود معهم فغلبوا عليه فى قوله { فسجدوا } ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا كقولك خرجوا الا فلانة لا مرأة بين الرجال. قال فى كتاب التكملة قيل ان المراد بقوله { كان من الجن } اى كان اول الجن لان الجن منه كما ان آدم من الانس لانه اول الانس. وقيل انه كان بقايا قوم يقال لهم الجن كان الله تعالى قد خلقهم فى الارض قبل آدم فسفكوا الدماء وقاتلتهم الملائكة. وقيل انه كان من قوم خلقهم الله وقال لهم اسجدوا لآدم فابوا فبعث الله عليهم نارا احرقتهم ثم خلق هؤلاء بعد ذلك فقال لهم اسجدوا لآدم ففعلوا وابى ابليس لانه كان من بقية اولئك الخلق. قال البغوى كان اسمه عزازيل بالسريانية وبالعربية الحارث فلما عصى غير اسمه وصورته فقيل ابليس لانه ابلس من الرحمة اى يئس والعياذ بالله تعالى { ففسق عن امر ربه } اى خرج عن طاعته فالامر على حقيقته جعل عدم امتثاله للامر خروجا عنه ويجوز ان يكون المراد المأمور به وهو السجود والفاء للسببية لا للعطف اى كونه من الجن سبب فسقه ولو كان ملكا لم يفسق عن امر ربه لان الملك معصوم دون الجن والانس. قال فى التأويلات النجمية { ففسق عن امر ربه } وخلع قلادة التقليد عن عنقه ليعلم ان الاصيل لا يخطئ وعند الامتحان يكرم الرجل او يهان كام ان البعرة تشابه المسك وتعارضه فى الصورة فلما امتحنا بالنار تبين المقبول من المردود والمبغوض من المودود وقال الحافظ قدس سره
خوش بود اكرمحك تجر به آمد بميان تاسيه روى شود هركه دروغش باشد   
{ أفتتخذونه } الهمزة للانكار والتعجب والفاء اى عقيب علمكم يا بنى آدم بصدور الفسق عن ابليس تتخذونه { وذريته } اى اولاده واتباعه جعلوا ذريته مجازا. قال الكاشفى كويند بمعنى اتباع وتسميه ايشان بذريت ازقبيل مجاز بود واكثر برانتد كه او زذريت نيست قيل فى القاموس ذرأكم كجعل خلق والشئ كثره ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين انتهى وسيأتى الكلام على هذا { اولياء من دونى } فتستبدلونهم بى فتطيعونهم بدل طاعتى اى ذلك الاتخاذ منكر غاية الانكار حقيق بان يتعجب منه ومعنى الاستبدال منهم من قوله من دونه فان معناه مجاوزين عنى اليهم وهو عين الاستبدال { وهم } اى والحال ان ابليس وذريته { لكم عدو } اى اعداء حقهم ان تعادوهم لا ان توالوهم شبه بالمصادر للموازنة كالقبول { بئس للظالمين بدلا } من الله ابليس وذريته تمييز.