الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً }

{ واضرب لهم مثلا رجلين } مفعولان لاضرب اولهما ثانيهما لانه المحتاج الى التفصيل والبيان اى اضرب يا محمد وبين للكافرين المتقلبين فى نعم الله والمؤمنين المكابدين لمشاق الفقر مثلا حال من رجلين مقدرين او اخوين من بنى اسرائيل. قال فى الجلالين يريد ابنى ملك كان فى بنى اسرائيل. قال ابو حيان ويظهر فى قوله { فقال لصاحبه } انه ليس اخاه انتهى. يقول الفقير هذا ذهول عن عنوان الكلام اذ التعبير عنهما برجلين يصحح اطلاق الصاحب على الاخ وايضا اخذ الكافر بيد اخيه المسلم وادخاله اياه جنته طائفا به فيما يأتى مما ينادى على صحة ما ادعيناه اذ لا تنافى هذه الصحبة الاخوة وكل منهما من اخص الاوصاف قالوا كان احد الاخوين مؤمنا واسمه يهودا والاخر كافرا واسمه قطروس بضم القاف ورثا من ابيهما ثمانية آلاف دينار فتقاسماها بينهما فاشترى الكافر ارضا بالف دينار وبنى دارا بالف دينار وتزوج امرأة بالف واشترى خدما ومتاعا بالف فقال المؤمن اللهم ان اخى اشترى ارضا بالف دينار وانا اشترى منك ارضا فى الجنة فتصدق به وان اخى بنى دارا بالف دينار وانا اشترى منك دارا فى الجنة فتصدق به وان اخى تزوج امرأة بالف وانا اجعل الفاء صداقا للحور فتصدق به وان اخى اشترى خدما ومتاعا بالف وانا اشترى منك الولدان المخلدين بالف فتصدق به ثم اصابته حاجة فجلس لاخيه على طريقه فمر به فى حشمه فقام اليه فنظر اليه وقال ما شأنك قال اصابتنى حاجة فاتيت لتصيبنى بخير فقال وما فعلت بمالك وقد اقتسمنا مالا واخذت شطره فقص عليه القصص قال انك اذا لمن المتصدقين بهذا اذهب فلا أعطينك شيئا فطرده ووبخه على التصدق بماله { جعلنا لاحدهما } وهو الكافر { جنتين } بستانين { من اعناب } من كروم متنوعة فاطلاق الاعناب عليها مجازا ويجوز ان يكون بتقدير المضاف اى اشجار اعناب { وحففناهما بنخل } اى جعلنا النخل محيطة بالجنتين ملفوفا بها كرومهما وبالفارسية يعنى درختان خرما كردا كرد در آورديم يقال حفه القوم اذا طافوا به اى استداروا وحففته بهم اى جعلتهم جافين حوله وهو متعد الى مفعول واحد فتزيده الباء مفعولا ثانيا مثل غشيته وغشيته به { وجعلنا بينهما } وسطهما يعنى بيدا كرديم ميان آن دوباغ { زرعا } ليكون كل منهما جامعا للاقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الانيق.