الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }

{ الا ان يشاء الله } استثناء مفرغ من النهى اى لا تقولن ذلك فى حال من الاحوال الاحال ملابسته بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد وهو ان يقال ان شاء الله وفيه اشارة الى ان الاختيار والمشيئة لله وافعال العباد كلها مبنية على مشيئته كما قالوما تشاؤون الا ان يشاء الله } { واذكر ربك } اى قل ان شاء الله { اذا نسيت } ثم تذكرته كما روى انه عليه السلام لما نزل قالان شاء الله } { وقل عسى } شايدكه { ان يهدين ربى } اى يوفقنى { لاقرب من هذا } اى لشئ اقرب واظهر من نبأ اصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة على نبوتى { رشدا } اى ارشادا للناس ودلالة على ذلك وقد فعل حيث اراه من البينات ما هو اعظم من ذلك وابين كقصص الانبياء المتبعادة ايامهم والحوادث النازلة فى الاعصار المستقبلة الى قيام الساعة. قال سعدى المفتى لما جعل اليهود الحكاية عن اصحاب الكهف دالة على نبوته هون الله امرها وقال { قل عسى } الآية كما هون المحكى فى مفتتح الكلام بقولهام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم } الآية انتهى. وقال السمرقندى فى بحر العلوم والظاهر ان يكون المعنى اذا نسيت شيئا فاذكر ربك وذكر ربك عند نسيانه ان تقول عيسى ربى ان يهدينى لشئ آخر بدل هذا المنسى اقرب منه رشدا وادنى خيرا ومنفعة انتهى. قال الامام فى تفسيره والسبب فى انه لا بد من ذكر هذا القول هو ان الانسان اذا قال سافعل الفعل الفلانى غدا لم يبعد ان يموت قبل ان يجيئ الغد ولم يبعد ايضا لو بقى حيا ان يعوقه من ذلك الفعل عائق فاذا لم يقل ان شاء الله صار كاذبا فى ذلك الوعد والكذب منفر وذلك لا يليق بالانبياء عليهم السلام فلهذا السبب وجب عليه ان يقول ان شاء الله حتى انه بتقدير ان يتعذر عليه الوفاء بذلك الموعود لم يصر كاذبا فلم يحصل التنفير انتهى. قال ابو الليث رحمه الله روى ابو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال قال سليمان بن داود عليهما السلام " لاطوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة تأتى بغلام يقاتل فى سبيل الله ونسى ان يقول ان شاء الله فلم تأت واحدة منهن بشئ الا امرأة بشق غلام " فقال النبى عليه السلام " والذى نفسى بيده لو قال ان شاء الله لولد له ذلك " وذلك ان من لم يعلق فعله بمشيئته تعالى فان من سنته ان يجرى الامر على خلاف مشيئته ليعلم ان لا مشيئية فى الحقيقة الا الله تعالى وفى الحديث " ان من تمام ايمان العبد ان يستثنى فى كل حديثه "

السابقالتالي
2