الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً }

{ واذ اعتزلتموهم } الاعتزال بالفارسية جداشدن اى فارقتموهم فى الاعتقاد واردتم الاعتزال الجسمانى وهو خطاب بعضهم لبعض حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم. قال الكاشفى قبل ازين كذشت كه دقيانوس بعد از معارضه ايشان مهلت داد وايشان فرار كردند يمليخا كه مهتر ايشان بود در اثناى طريق بايشان كفت { واذ اعتزلتموهم } وجون يكسو شديد ازاهل شرك ودورى جستيد ازا يشان { وما يعبدون الا الله } عطف على الضمير المنصوب وما مصدرية او موصولة اى اذا اعتزلتموهم ومعبوديهم الا الله اى وعبادتهم الا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كاهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم فى عباد الاوثان { فأووا } التجئوا { الى الكهف } قال الفراء هو جواب اذ كما تقول اذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه اى اذا اعتزلتموهم اعتزالا اعتقاديا فاعتزلوهم اعتزالا جسمانيا او اذ اردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء الى الكهف. وفيه اشارة الى ان الاعتزال الاعتقادى يوجب الاعتزال الجسمانى. ومن ثم قال فى مجمع الفتاوى سئل الرستغفنى عن المناحكة بين اهل السنة وبين اهل الاعتزال فقال لا يجوز { ينشر لكم } يبسط لكم ويوسف عليكم { ربكم } مالك امركم { من رحمته } من تفضله وانعامه فى الدارين { ويهيئ لكم } يسهل لكم { من امركم } الذى انتم بصدده من الفرار بالدين { مرفقا } ما ترفقون وتنتفعون به وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم. وفى الحديث " ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة " وفى الآية اشارة الى ان التائب الصادق والطالب المحق من اعتزل عن قومه وترك اهل صحبته وقطع عن اخوان سوئه واعتقد ان لا يعبد الا الله يعرض عما سوى الله مستعينا بالله متوكلا على الله فارّا الى الله من غير الله قال الحجندى
وصل ميسر نشود جز بقطع قطع نخست از همه ببريدنست   
ثم يأوى الى كهف الخلوة قال الجامى
زابناى دهر وقت كسى خوش نميشود خوش وقت آنكه معتكف كنج عزلتست   
متمسكا بذيل ارادة شيخ كامل مكمل واصل موصل ليربيه ويزيد فى هدايته ويربط على قلبه بنور الولاية وقوة الرعاية كما كان حال اصحاب الكهف وفى المثنوى
كرجه شيرى جون روى ره بى دليل خويش بينى در ضلالى وذليل هين مبر الا كه بابرهاى شيخ تابينى عون لشكرهاى شيخ   
ولكنهم كانوا مجذوبين من الله مربوبين بربهم وذلك من النوادر ولا حكم للنادر واليه يشير قوله عليه السلام " ان الله ادبنى فاحسن تأديبى " وهذا من قدرة الله ان يهدى جماعة الى الايمان بلا واسطة رسول او نبى بجذبات العناية الى مقامات القرب ومحل الاولياء بلا شيخ مرشد وهاد مرب ومن سنة الله ان يهدى عباده بالانبياء والرسل وبخلافتهم ونيابتهم بالعلماء الراسخين والمشايخ المقتدين ففى قوله { فأووا الى الكهف } اشارة الى الالتجاء بالخلوة والتمسك بالمشايخ المسلكين يعنى لهذه الطريقة { ينشر لكم ربكم من رحمته } اى يخصصكم برحمة الخاصة المضافة الى نفسه وهو ان يجذبهم بجذبات العناية ويدخلهم فى عالم الصفات ليتخلقوا باخلاقه ويتصفوا بصفاته كقوله تعالىيدخل من يشاء فى رحمته } وله رحمة عامة مشتركة بين المؤمن والكافر والجن والانس والحيوان { ويهيئ لكم من امركم مرفقا } اى ينشر لكم طريق الوصول والوصال كما فى التأويلات النجمية.